خطبة الجمعة

الإتحادُ قُوَّةٌ فِي الْمُجْتَمَعِ

07.12.2023
إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ كُلَّ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ الْعَدَمِ وَأَطْلَقَ عَلَى أَفْضَلِ خَلْقِهِ لَفْظَ "إنْسَان". عِنْدَمَا نَنْظُرُ إلَى كَلِمَةٍ "إنْسَانٍ" نَرَى أَنَّهَا مِنْ جَذْرِ "أُنَس" مِنْ الْإِينَاسِ الَّتِي تَأْتِي بِمَعْنَى الصَّدَاقَةِ والتَّعَارُفِ. بِمُجَرَّدِ أَنَّ يَأْتِيَ الْإِنْسَانُ إلَى الدُّنْيَا بَيْنَ عَائِلَةٍ، يَبْدَأُ حَيَاتَهُ وَهُوَ يَشْعُرُ بِالاِنْتِمَاءِ إلَى هَذِهِ العَائِلَةِ. وَثُمَّ يَزِيدُ هَذَا الشُّعُورُ تَدْرِيجِيّا بانْتِمائِه إلَى حَيِّهِ ومَدِينَتِهِ وَبَلْدَهِ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ. شُعُورُ الانْتِمَاءِ هَذَا هُوَ شُعُورٌ إِنْسانِيٌّ وَشُعُورٌ قَيِّم. لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، يَكُونُ شُعُورُ الْإِنْسَانِ أَنَّهُ عَبْدُ لِلَّهِ، أَكْثَرَ أَهَمِّيَّةً مِنْ شُعُورِ الانْتِمَاءِ هَذَا. فَالْمُسْلِمُ يَبْنِي شَخْصِيَّتَهُ بِكَوْنِهِ عَبْدًا لِلَّهِ، وَمِنْ أَمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.

الثقةُ بالله وعدمُ اليأسِ منه

30.11.2023
إنَّ الْإِنْسَانَ الَّذِي يُبْعَثُ إلَى الْأَرْضِ خَلِيفَةً يَخْضَع لاِمْتِحَانَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ تُنَاسِبُ الْإِنْسَانَ. الِامْتِحَانُ الَّذِي بَدَأَ فِي الْجَنَّةِ مَعَ أُمِنَا حَوَّاءَ وَآدَم عَلَيْهِ السَّلَامُ سَيَسْتَمِرُّ حَتَّى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَسَيَظْهَرُ لِكُلِّ إنْسَانٍ بِشَكْلٍ مُخْتَلَفٍ. سَوْفَ يَخْضَع كُلُّ إنْسَانٍ بالاِمْتِحَانِ، وَكُلُّ أَحَدٍ سَيَتَأَثَّرُ مِنْ هَذَا، وَفِي الْآخِرَةِ سَيَنْهِي الْبَعْضُ اِمْتِحَانَهُمْ فَائِزِينَ وَالْبَعْضُ خَاسِرِينَ. وفِي حَالَةِ نَجَاحِ هَذَا الِامْتِحَانِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ مِنْ تَوَكُّلِ الْإِنْسَانِ وَخُشُوعِهِ، وَيُوَصِّلُهُ إلَى الْجَنَّةِ. وَفِي هَذَا الْمَسَاقِ؛ فَإِنَّ الِامْتِحَانَ لَيْسَ شَيْئًا سَيِّئًا، بَلْ هُوَ وَسِيلَةٌ تُوَصِّلُنَا لِلْجَنَّةِ.

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: الاِعْتِبَارُ وَالاِتِّعَاظُ بِمَا يَجْرِي مِنْ الْأَحْدَاثِ

23.11.2023
يَعِيشُ بَنِي آدَمَ وَيَمُوتُ مَنْفِيًّا فِي مَكَانٍ، وَوَقْتٍ، وَعُمْرٍ مُحَدَّدٍ. إنَّ تَمَاسُّكَهُ بِالْحَيَاةِ الَّتِي بِدَاخِلِهِ قَوِيٌّ لِدَرَجَةٍ، يَعِيشُ وَكَأَنَّهُ لَن يَمُوتَ أَبَدًا، رَغْمَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ حَيَاتَهُ سَتَنْتَهِي بِالْمَوْتِ يَوْمًا مَا، حَيْثُ إنَّ الْمَوْتَ هُوَ أَمْرٌ وَاقِعِيٌّ فِي الْحَيَاةِ وَهَاذِمُ اللَّذَّات. الْمَوْتُ هُوَ الطَّرِيقُ إلَى الْآخِرَةِ حَيْثُ إنَّهُ لَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَوْتٌ بَعْدَهَا. وَلِهَذَا السَّبَبِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ."

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: مكانة دار الأرقم في حياتنا

16.11.2023
كَان الأَرْقَمُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا فِي عُمْرٍ مُبَكِّرٍ، وَكَانَ صَاحِبَ بَيْتِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ الَّذِي كَانَ بَيْتًا لِلدَّعْوَة الْإِسْلَامِيَّة فِي بِدَايَةِ الدَّعْوَة. وَبِسَبِ زِيَادَةِ ظُلْمِ الْمُشْرِكِينَ واضْطِهَادِهِمْ فِي مَكَّةَ، اتَّخَذَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَارَ الْأَرْقَمِ مَقَرًّا لَهُ. وَفِي هَذِهِ الدَّارِ الْمُبَارَكَةِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ أُمُورَ دِينِهِمْ، وَكَانَ أَيْضًا يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِ اللَّهِ وَيُزَكِّيهِمْ، وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ.

الْمُحَاوَلَةُ فِي الْخَيْرِ رَغْمَ كُلِّ الصُّعُوبَاتِ

09.11.2023
يَمُرُّ الْكَثِيرُ مِنْ النَّاسِ حَوْلَ الْعَالِم، بِأَوْقَاتٍ صَعْبَةٍ بِسَبَبِ الكَوَارِثِ الطَّبِيعِيَّةِ، وَالْحُرُوبِ، والأزماتِ الْأُخْرَى. وَبِمَا أَنَّ الْبَعْضَ لَا يَجِدُ ظُرُوفَ مَعِيشَةٍ صِحِّيَّةٍ جَيِّدَةٍ، وَالْبَعْضَ لَا يَحْصُلُ عَلَى التَّغْذِيَةِ الْكَامِلَةِ، وَالْعِلَاجِ الْمُنَاسِبِ، وَالْبَعْضَ لَا يَسْتَطِيعُ الْحُصُولَ عَلَى التَّعَلُّمِ الْمُنَاسِبِ، والبِيئَةِ الْآمَنَةِ، فَإِنَّهُمْ يُضْطَرُّونَ إلَى اللُّجُوءِ إلَى مُدَنٍ ومَنَاطِقَ آمِنَةٍ مِنْ أَجْلِ تَوْفِيرِ مُسْتَقْبِلٍ أَفْضَلَ لأطْفَالِهِم. ويُغَادِرُ الْكَثِيرُ مِنْ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ بِسَبَبِ الاِشْتِبَاكَاتِ والهُجُومَاتِ الْعَنِيفَةِ. تَمَّ إخْلَاءُ الْقُرَى، وَهَاجَرَ النَّاسُ إلَى أَمَاكِنَ أُخْرَى. خَاصَّةً فِي الآوِنَةِ الْأَخِيرَةِ هُنَاكَ المَلَايِينُ مِن الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ غَادَرُوا بِلَادَهُمْ بِسَبَبِ الكَوَارِثِ الطَّبِيعِيَّةِ، وظُرُوفِ الْحَرْبِ، ويَبْحَثُونَ عَنْ مُسْتَقْبَلٍ لِأَنْفُسِهِمِ ولعَائِلَتِهِمِ. وَالْبَشَرُ مِنْ جَمِيعِ الفِئَاتِ أَطْفَالًا وَأَوْلَادًا ونساءً وَرِجَالا كِبارَ السِّنِ يُكَافِحُونَ مِنْ أَجْلِ التَّمَسُّكِ بِالْحَيَاةِ.

الدعوة إلى الضمير

03.11.2023
نَجِدُ فِي قُلُوبِنَا الرَّحْمَةَ بِالْأَبْنَاءِ، وَتَقْدِيرَ الْأُمَّهَاتِ، وَالْمَوَدَّةَ لِلْأَزْوَاجِ. إنَّ الضَّمِيرَ هُوَ الْخَيْرُ الَّذِي نَجِدُهُ فِي مَشَاعِرِنَا وَأفْكَارِنَا دُونَ أيِّ تَأْثِيرٍ خَارِجِيٍّ. وَلِهَذَا السَّبَبِ أَوْصَى نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْفَظُوا قُلُوبَهَم لِلْخَيْرِ، وَأَوْصَاهُم أَيْضًا بِالرُّجُوعِ إلَيَ ضَمَائِرِهِم عِنْدَ اتِّخَاذِ القَراَرَاتِ. رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَبِيَّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) قَالَ:«إنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِنْ أصَابِعِ الرَّحْمنِ يُقلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ.»

الدعوة إلى الإنسانية

27.10.2023
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام، إنَّ حَيَاةَ الْإِنْسَانِ مُقَدَّسَةٌ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَدِي عَلَيْهَا. لِأَنَّهَا قَبْلَ أَيِّ    شَيْءٍ تَكْتَسِبُ قِيمَتَهَا بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لِخَلْقِهِ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. كُلُّ إنْسَانٍ مُوَقَّرٌ بِسَبَبِ فِطْرَتِه الَّتِي تَجْعَلُهُ إنْسَانًا. وَيُشِيرُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   إلَى الْأَشْيَاءِ الْمُهِمَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْبَشَرِ بِقَوْلِهِ "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ". وَلَا شَكَّ أَنَّ خَلَقَ الْإِنْسَانِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ الرَّحْمَة الْفَرِيدَة. وَالْإِنْسَانُ أَيْضًا وَصَلَ إلَى قِيمَةٍ لَا تَتَحَمَّلُهَا الْجِبَالُ وَالْمَخْلُوقَاتُ كَافَّةً بِتَلَقِّي الْوَحْي. إنَّ الْوَحْيَ الَّذِي وَصَلَ إلَي الْإِنْسَانِ عَبْرَ التَّارِيخِ يَحُثُّ الْإِنْسَانَ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الشَّيْءِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ النَّاسِ رَغْمَ اِخْتِلافِنا. وَتُشِير الْآيَةُ إلَى أَنْ كُلَّ الِاخْتِلَافَاتِ بَيْنَ النَّاسِ تَهْدِفُ إِلىَ حِكْمَةٍ إلَهِيَّةٍ وَاحِدَةٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ). إنَّ اخْتِلَافاتِنَا تُذَكِّرُنَا بِاَللَّهِ بِكَوْنِهِ وَضْعَ الرَّحْمَةِ فِينَا.
PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com