
هَا نَحْنُ قَدْ بَلَغْنَا مُنْتَصَفَ رَمَضَان. مُنْتَصَفَ الشَّهْرِ الْمُبَارَك، اَلَّذِي أَوَّلُهُ رَحْمَة، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَة، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّار. وَقَدِ اسْتَغْلَلْنَا نَفَحَاتِ هَذَا الشَّهْرِ وَسَكِينَتَهُ فِي التَّرْكِيزِ عَلَى تَزْكِيَةِ نُفُوسِنَا. تَوَسَّلْنَا بِبَرَكَةِ هَذَا الشَّهْرِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا وَيَصْفَحَ عَنَّا صَفْحَهُ الْجَمِيل. وَلَجَأْنَا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِمَا وَفَّقَنَا إِلَيْهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَات. وَنَحْنُ مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ مُوقِنُونَ حَقَّ الْيَقِينِ، بِأَنْ لَا مَلْجَأَ لَنَا وَلَا مَنْجَى مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْه. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾.[1] فَاللَّهُ كَافٍ عَبْدَهُ مَتَى الْتَجَأَ إِلَيْه. وَحَاشَاهُ أَنْ يَرُدَّ عَبْدًا جَاءَ يَطْرُقُ بَابَه. وَهَلْ مِنْ سَبِيلٍ لِلْفَلَاحِ وَالنَّجَاةِ، غَيْرَ اللُّجُوءِ إِلَى الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالسَّيْرِ عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي رَسَمَهُ لَنَا؟