خطبة

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: أَثَرُ وَسَائِل التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ عَلَى الْإِنْسَانِ

22.08.2024
Koran Tasbih Grün

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

وَسَائِلُ الْإِعْلَامِ الَّتِي تَعْنِي مَجَالَ وَوَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ لَقَدْ زَادَ تَأْثِيرُهُ عَلَى النَّاسِ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ، خَاصَّةً مَعَ بِدَايَةِ الْعَصْرِ التِّكْنُولُوجِيّ. وَسَائِلُ الْإِعْلَامِ كَانَتْ مُؤَثِّرَةً مِنْ خِلَالِ وَسَائِلَ مَحْدُودَةٍ قَدِيمًا مِثْلُ الْجَرِيدَةِ وَالإِذَاعَةِ وَالتِّلْفِيزْيُون. لَكِنَّهُ خَاصَّةً بَعْدَ اخْتِرَاعِ الْهَوَاتِفِ الذَّكِيَّةِ بَدَأَتْ وَسَائِلُ الْإِعْلَامِ تُسَيْطِرُ وَتَدْخُلُ فِي حَيَاةِ كُلِّ فَرْدٍ بِشَكْلٍ غَيْرُ مُمْكِنِ الِابْتِعَادُ عَنْهُ. وَبِنَاءً عَلَى الْأَبْحَاثِ الْعِلْمِيَّةِ أَنَّ عَدَدَ الْأَشْخَاصِ الْمُدْمِنِينَ عَلَى اسْتِخْدَامِ الْإنْتَرْنِت وَوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ يَزْدَادُ مَعَ مُرُورِ الْوَقْتِ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

نَحْنُ يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَتَصَرَّفَ بِعَقْلَانِيَةٍ فِي مَجَالِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ، الَّذِي لَهُ تَأْثِيرٌ كَبِيرٌ عَلَيْنَا، وَأَصْبَحَ أَسَاسِيًّا فِي تَشْكِيلِ حَيَاتِنَا. أَوَّلًا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَبْتَعِدَ عَنِ شَكْلِ الِاسْتِخْدَامِ الَّذِي يُسَبِّبُ الْإِدْمَانَ وَتَضْيِيعَ الوَقْتِ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُحِبُّ تَضْيِيعَ الْوَقْتِ عَلَى أَشْيَاءَ غَيْرِ مُهِمَّةٍ. لِلْأَسَفِ نَرَى خَاصَّةً شَبَابَنَا، أَنَّهُمْ يُضَيِّعُونَ أَوْقَاتَهُمْ بِشَكْلٍ مُفْرِطٍ فِي مَنَصَّاتِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ. الْوَقْتُ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتِي وَهَبَهَا اللَّهُ لَنَا، وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَثْمِرَ وَقْتَنَا، وَنَعِيشَ بِشَكْلٍ مُنَظَّمٍ أَكْثَر.

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

الْمُسْلِمُ الْمُؤْمِنُ الْعَاقِلُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يُرَكِّزَ الأَخْبَارَ الَّتِي تَصِلُ إلَيْهِ هَلْ هِيَ حَقِيقِيَّةٌ أَمْ لَا. يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي هَذَا الصَّدَدِ:﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهٖ عِلْمٌؕ اِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤٰادَ كُلُّ اُو۬لٰٓئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُ۫لاً﴾ وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي أَذْهَانِنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ هُوَ أَنَّ وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ مَنَصَّةٌ تَنْتَشِرُ فِيهَا الْأَخْبَارُ بِدُونِ رِقَابَةٍ، وَلَا يُمْكِنُ السَّيْطَرَةُ عَلَى رِقَابَةِ كُلِّ خَبَرٍ .وَبِسَبَبِ هَذَا يُمْكِنُ اسْتِخْدَامُ جَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ وَالْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ فَقَطْ لِأَجْلِ التَّلَاعُبِ بِالنَّاس. يُمْكِنُ أَنْ تَنْتَشِرَ الْأَخْبَارُ الْكَاذِبَةُ بِسُرْعَةٍ كَبِيرَةٍ عَلَى الْإِنْتَرْنَت. وَلَا نَنْسَ حَدِيثَ النَّبِيِّ هَذَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أنْ يُحدِّثَ بكلِّ ما سَمِعَ» يَجِبُ ألَّا نَسْمَحَ أَبَدًا بِأَنْ تَتَرَسَّخَ الْأَخْبَارُ الْكَاذِبَةُ وَالْأَخْطَاءُ فِي أَذْهَانِنَا، وَيَنْبَغِي ألَّا نَكُونَ سَبَبًا فِي نَشْرِهَا، وألَّا نَتَّبِعَ الْمَعْلُومَةَ الَّتِي لَا تَنْفَعُنَا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَنَا كَثِيرًا فِي أَحَادِيثِهِ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

وَبِالتَّأْكِيدِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ ضِدَّ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ تَمَامًا أَوْ يَرْفُضَ اسْتِخْدَامَهَا. وَمَعْرُوفٌ أَنَّ لِوَسِائلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ جَوَانِبًا إِيجَابِيَّةً أَيْضًا. وَوَاجِبُنَا هُوَ نَشْرُ الْخَيْرِ وَالْحَقِيقَةِ مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الطُّرُقِ. وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَمْشِيَ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ فِي حَيَاتِنَا وَفْقَ سِمَاتِ وَخُلُقِ الْإِسْلَامِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي عَالَمِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ أَوْ فِي الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ مَعَ النَّاسِ. إِنَّ الْأَخْلَاقَ الْإِسْلَامِيَّةَ لَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ وَحَيَاةِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ. يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا وَقُدْوَةً لِلْأَخْلَاقِ الْإِسْلَامِيَّةِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ مَعَ النَّاسِ أَوْ فِي عَالَمِ الْإنْتَرْنِت. لَقَدْ أَصْبَحَتْ وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ جُزْءً أَسَاسِيًّا فِي حَيَاتِنَا، الَّذِي لَا نَسْتَطِيعُ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْهُ فِي نَشْرِ الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَالْمُشَارَكَةِ فِي الْمُحَادَثَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ الْمُسْلِمِين، وَالْحُصُولِ عَلَى كُلِّ مَا هُوَ مُفِيدٌ لَنَا، وَالْعَدِيدِ مِنَ الأَعْمَالِ الْأُخْرَى الْمُفِيدَةِ.

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الَّذِينَ يَسْتَخْدِمُونَ وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَالِانْتِرْنِتِ فِيمَا يَرْضَى اللَّهَ وَيُحِبّ.

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: أَثَرُ وَسَائِل التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ عَلَى الْإِنْسَانِ

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com