خطبة

العام الهجري الجديد

04.07.2024
Minber Ahşap

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ 

﴿ اَلَّذٖينَ اٰمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فٖي سَبٖيلِ اللّٰهِ بِاَمْوَالِهِمْ وَاَنْفُسِهِمْۙ اَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللّٰهِؕ وَاُو۬لٰٓئِكَ هُمُ الْفَٓائِزُونَ ﴿٢٠﴾

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ ﷺَ: قَالَ:

«الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ»

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

اِعْتِبَارًا مِنْ يَوْمِ الأَحَدِ سَيَكُونُ بِدَايَةَ عَامٍّ هِجْرِي جَدِيدٍ. عَام أَلْف أَرْبَعُمِائَة وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ ١٤٤٦هـ. وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ العَامُّ الهِجْرِيّ الجَدِيدُ وَسِيلَةً لِلْخَيْرِ لِلْعَالَمِ الإِسْلَامِيِّ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا رُؤْيَةَ الْأَمَانِ وَالسَّلَامِ فِي جَمِيعِ المَنَاطِق الْمُضْطَهَدَةِ.

فِي الإِسْلَامِ لَا يَتِمُّ الِاحْتِفَالُ بِلَيْلَةِ رَأْسِ السَّنَةِ بِاللُّجُوءِ إلَى أشْكَالِ التَّرْفِيهِ الَّتِي لَا يَرْضَى اللَّهُ عَنْهَا؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ نَبْدَأَ بِدَايَةَ العَامِ بِمُحَاسَبَةِ أَنْفُسِنَا عَمَّا فَعَلْنَاهُ فِي العَامِ المَاضِي، وَنَقْضِي هَذَا الْيَوْمَ بِشَكْلٍ يَرْضَى اللَّهَ تَعَالَى عَنْهُ بِعِزَّةٍ وَكَرَامَةٍ، وَكَمَا يَلِيقُ بِالمُسْلِمِ. المُؤْمِنُون يَحْمَدُونَ اللَّهَ وَيَشْكُرُونَهُ عَلَى الحَيَاةِ الَّتِي وَهَبَهَا لَهُمْ. وَنَحْنُ أَيْضًا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ قِيمَةَ الزَّمَن، وَنَقْضِي وَقْتَنَا بِشَكْلٍ مُثْمِرٍ. “مَنْ كَانَ لَهُ يَوْمَانِ مُتَسَاوِيَان فَهُو خَسَر” يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُغَذِّى عَالَمَنَا الرُّوحِيّ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي سُورَةِ العَصْرِ أَقْسَمَ بِالزَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَهَمِّيَّةِ الوَقْتِ وَقَالَ: ﴿وَالْعَصْرِۙ ﴿١﴾ اِنَّ الْاِنْسَانَ لَفٖي خُسْرٍۙ ﴿٢﴾ اِلَّا الَّذٖينَ اٰمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴿٣﴾

وَهَذِهِ الصُّورَةُ الجَلِيلَةُ تُخْبِرُنَا بِأَنَّ الَّذِي يَعِيشُ مُتَجَاهِلًا أَوَامِرَ اللَّهِ وَنَوَاهِيهِ سَيَخْسِرُ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ، وَأَمَّا الَّذِينَ يُقَدِّرُونَ الوَقْتَ، هُمْ الَّذِينَ يَعِيشُونَ كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الَّذِينَ يُحَاسِبُونَ أَنْفُسَهُمْ، وَيَكُونُونَ قَرِيبِينَ إلَى اللَّهِ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ حَقًّا، وَيَعِيشُون بِمَا يَرْضَى اللَّهُ.

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

هِجْرَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إلَى المَدِينَةِ تُعْتَبَرُ أَوَّلَ يَوْمٍ(مِيلاَد) فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهَذَا يُوَضِّحُ لَنَا أَنَّ هِجْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ لَهَا أَهَمِّيَّةٌ عَظِيمَةٌ فِي التَّارِيخِ الْإِسْلَامِيِّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿اَلَّذٖينَ اٰمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فٖي سَبٖيلِ اللّٰهِ بِاَمْوَالِهِمْ وَاَنْفُسِهِمْۙ اَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللّٰهِؕ وَاُو۬لٰٓئِكَ هُمُ الْفَٓائِزُونَ

وَكَلِمَةُ الْهِجْرَةِ تُسْتَخْدَمُ بِمَعْنَى تَرْكِ مَكَانٍ، وَالِانْتِقَالِ مِنْهُ إلَى مَكَانٍ آخَرَ. لَكِنَّ مَا يُعْنَى بِهَا حَقِيقَةً هُوَ انْفِصَالُ الْإِنْسَانِ عَنْ شَيْءٍ جَسَدِيًّا وَلَفْظِيًّا وَقَلْبِيًّا.

وَإِذَا نَظَرْنَا إلَى الهِجْرَةِ نَجِدُ أَنَّ هِجْرَةَ المُؤْمِنِينَ مُسْتَمِرَّةٌ دَائِمًا. الهِجْرَةُ مِنْ السُّوءِ إلَى الحَسَنَةِ وَمِنْ الْقُبْحِ إلَى الْجَمَالِ، وَمِنْ الشَّرِّ إلَى الْخَيْرِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ فِي حَيَاتِنَا. إنَّ امْتِثَالَ أَوَامِرِ اللَّهِ وَتَرْكَ نَوَاهِيهِ هُو هِجْرَةٌ لَنْ تَنْتَهِيَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ»

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

اليَوْمُ الحَادِي عَشَرَ يُولْيُو يُصَادِفُ الذِّكْرَى التَّاسِعَةَ وَالْعِشْرِينَ لِمَذْبَحَةِ سَرَبْرَنِيتسا، وَهِيَ مَجْزَرَةٌ ارْتُكِبَتْ فِي وَسَطِ أُورُوبَّا، وَهِي وَصْمَةُ عَارٍ كَبِيرَة فِي تَارِيخِ الْإِنْسَانِيَّةِ. وَنَسْأَلُ اللَّهَ الرَّحْمَةَ لِإِخْوَانِنَا البُوسْنِيِّينَ الَّذِينَ اسْتَشْهَدُوا فِي هَذِهِ المَذْبَحَة.

دُعَاؤُنَا هُوَ أَنْ يَرْتَقِيَ العَالَمُ الإِنْسَانِيُّ إِلَى الْمُسْتَوَى الْحَضَارِيّ، وَيَتَزَوَّدَ بِالرَّحْمَةِ وَاللُّطْفِ، وَأَنْ يَنْتَهِيَ فِيهِ هَذَا الظُّلْمُ. وَالْيَوْمُ أَيْضًا نَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَنْتَهِيَ الظُّلْمُ فِي غَزَّةَ وَتُرَكِسْتَانَ الشَّرْقِيَّةِ وَفِي جَمِيعِ المَنَاطِقِ الْمُضْطَهَدَةِ.

تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ. أَمِين.

خُطْبَة

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com