خطبة
آداب خطبة الجمعة
20.06.2024بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ
﴿ يَٓا اَيُّهَا الَّذٖينَ اٰمَنُٓوا اِذَا نُودِيَ لِلصَّلٰوةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا اِلٰى ذِكْرِ اللّٰهِ وَذَرُوا الْبَيْعَؕ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ اِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٩﴾ ﴾
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ ﷺَ:
مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا»
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
إِنَّ صَلَاَةَ الجُمُعَةِ لَيْسَتْ عِبَارَةً عَنْ مُجَرَّدِ عِبَادَةٍ فَقَطْ، بَلْ هِي فُرْصَةٌ لَنَا لِتَقْوِيَةِ التَّرَابُطِ الاِجْتِمَاعِيِّ. وَالخُطْبَةُ تُذَكِّرُنَا بِالْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي فِي الإسْلاَم، وَتُعْطِينَا النَّصَائِحَ المُهِمَّةَ مِنْ أَجْلِ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. وَأَمَّا شُرُوطُ الخُطْبَةِ وَآدَابُهَا، بِوَسِيلَتِهَا نَقُومُ بِأَدَاءِ العِبَادَةِ كَمَا يَنْبَغِي. قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ يَٓا اَيُّهَا الَّذٖينَ اٰمَنُٓوا اِذَا نُودِيَ لِلصَّلٰوةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا اِلٰى ذِكْرِ اللّٰهِ وَذَرُوا الْبَيْعَؕ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ اِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٩﴾﴾
وَأَيْضًا مِنْ شُرُوطِ صَلَاةِ الجُمُعَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ، وكُلِّ مَنْ سَمِعَ صَوْتَ المُؤَذِّنِ فِي دِينِنَا.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ لَنَا مِمَّا يَنْبَغِي عَلَى المُسْلِمِ فِعْلُهُ مِنَ السُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَكَانَ نَبِيُّنَا مِثَالًا يَحْتَذِي بِهِ لِلمُؤْمِنِينَ فِي تَطْبِيقِ هَذِهِ السُّنَنِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَخَّصَ لَنَا هَذِهِ الأَعْمَالَ الفَضِيلَةَ فِي قَوْلِهِ: “مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا“
صَلَاَةُ الجُمُعَةِ هِي عِبَادَةٌ مُهِمَّةٌ، وَمَسْؤُولِيَّةٌ كَبِيرَةٌ عَلَى المُؤْمِنِينَ. حَدَّثَنَا فُقَهَاءُ الإِسْلَامِ اِسْتِنَادًا عَلَى الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ؛ أنَّ مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا مِن غَيْرِ عُذْرٍ، طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلْبِه. وَهَذَا وَعِيدٌ عَظِيمٌ. فَلِذَلِكَ تَرْكُ صَلَاَةِ الجُمُعَةِ وَإهْمَالُهَا ذَنْبٌ وَإِثْمُ عَظِيمُ.
وَفْقًا لِأبْحَاثِ مُحَمَّدٍ حَمِيدِ اللهِ، كَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةُ عَشَرَ مَسْجِدًا فِي المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ. وَكَانَ المُؤْمِنُونَ يَأْتُونَ لِلْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَسْتَمِعُونَ إِلَى خُطْبَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهَذَا َيُبَيِّنُ مَدَى أهَمِّيَّةِ يَوْمِ الجُمُعَةِ، وَيُبَيِّنُ العِظَةَ وَالعِبْرَةَ الَّتِي تُعْطِيهَا خُطْبَةُ يَوْمِ الجُمُعَةِ لِلْمُؤْمِنَ.
الْخُطْبَةُ جُزْءٌ مِنْ صَلَاَةِ الجُمُعَةِ وَيَقْرَأُهَا الإمَامُ. وَالخُطْبَةُ يَجِبُ أَنْ تَتَكَوَّنَ مِنْ جُزْئَيْنِ، وَيَجِبُ عَلَى الإمَامِ فِي كُلِّ جُزْءٍ أَنْ يَفْتَتِحَ خُطْبَتَهُ بِالحَمْدِ لله، وَالصَّلَاَةِ وَالسَّلَاَمِ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِرَاءةِ آيَاتٍ مِنَ القِرَانِ الكَرِيمِ، وَإِرْشَادِ وَنَصَائِحِ الجَمَاعَةِ.
وَيَنْبَغِي عَلَى المُسْلِمِ الإِنْصَاتُ إِلَى الخُطْبَةِ بِصَمْتٍ وَاهْتِمَامٍ. لَا يَجُوزُ التَّحَدُّثُ مَعَ أحَدٍ أَثْنَاءَ الخُطْبَةِ، أَوِ العَبَثُ بِالهَاتِفِ الجَوَّالِ، أو القِيَامُ بِأَيِّ شَيْءٍ يُلْهِي عَنِ الخُطْبَةِ. وَهَذَا الحَديثُ يُوَضِّحُ لَنَا آدَابَ الخُطْبَةِ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَومَ الجُمُعَةِ: أنْصِتْ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فقَدْ لَغَوْتَ“
أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،
يَجِبُ عَلَى الحَاضِرِينَ لِلْخُطْبَةِ أَنْ يُخْبِرُوا الغَائِبِينَ عَنِ العِظَةِ وَالنَّصَائِحِ الَّتِي كَانَتْ فِي الخُطْبَةِ، كَمَا كَانَ الحَالُ فِي خُطْبَةِ الوَدَاعِ، وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَلَاَبِسُنَا نَظِيفَةً، وَوَاسِعَةً، وَمُرَتَّبَةً أَثْنَاءَ الخُطْبَةِ، وَيَجِبُ أَنْ نَحْرِصَ عَلَى أَلَّا نَتْرُكَ أَجْسَادَنَا مَكْشُوفَةً أَثْنَاءَ الرُّكوعِ وَالسُّجُودِ. وَهَذَا كُلُّهُ مُهِمٌّ لَآدَابِ العِبَادَةِ، وَهَذَا دَليلٌ عَلَى اِحْتِرَامِنَا لله عَزَّ وَجَلَّ. نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الَّذِينَ يُوَاظِبُونَ عَلَى صَلَاَةِ الجُمُعَةِ، وَيَلْتَزِمُونَ بِآدَابِ الصَّلَاَةِ وَالخُطْبَةِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الْمُنْتَفِعِينَ بِوَعْظِ وَعِبَرِ الخُطْبَةِ.