خطبة
خُطْبَةُ الْجُمُعَة صِلَةُ الْأَرْحَام
22.06.2023أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
مِنْ وَاجِبَاتِ الْمُسْلِمِ فِي دِينِنَا أَيْضًا صِلَةُ اَلرَّحِمِ. وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ “صِلَةِ اَلرَّحِمِ” فِي آيَاتٍ عَدِيدَةٍ. ِإحْدَاهَا قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾. وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اَلرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ».
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
رُوِيَ أَنَّ رجلًا قَالَ: يَا رسولَ اللَّه! أَخْبِرْني بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «تَعبُدُ اللَّه، وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وتُؤتي الزَّكاةَ، وتَصِلُ الرَّحِم».
كَمَا أَنَّ اَلْأَحَادِيثَ اَلشَّرِيفَةَ اَلتَّالِيَة مُهِمَّةٌ أَيْضًا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصِلَةِ اَلرَّحِمِ . قال ﷺ: «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». وقال: «اَلصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ، صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ». وقال: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ». فَصِلَةُ اَلرَّحِمِ زِيَادَةٌ فِي اَلْمَحَبَّةِ بَيْنَ اَلْأَقَارِبِ، وَبَرَكَةٌ فِي اَلرِّزْقِ، وَفُسْحَةٌ فِي اَلْحَيَاةِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
لَقَدْ رَأَيْنَا مَدَى أَهَمِّيَّةِ قَضِيَّةِ اَلْأُسْرَةِ وَالرَّحِمِ وَمَدَى اِهْتِمَامِ الْإِسْلَامِ بِهَا. عَلَيْنَا كَمُسْلِمِينَ أَنْ نَبْدَأَ مِنْ مَكَانِ مَا وَأَنْ نُعَزِّزَ رَوَابِطَنَا اَلْإِسْلَامِيَّةَ وَالْإِنْسَانِيَّةَ فِي عَالَمِ اَلْيَوْمِ، حَيْثُ اَلْعَلَاقَاتُ اَلْإِنْسَانِيَّةُ تَتَرَاجَعُ اَلْآنَ نَحْوَ اَلِانْقِرَاضِ. صِلَةُ اَلرَّحِمِ تَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى اَلشَّخْصِ أَنْ يُعَامِلَ أَقَارِبَهُ مُعَامَلَةً حَسَنَةً ، بَدْءًا مِنَ الْوَالِدَينِ، وَأَنْ يُشَارِكَهُمْ آلَامَهُمْ وَسَعَادَتَهُمْ، وَأَنْ يُسَاعِدَهُمْ فِي إِطَارِ إِمْكَانِيَّاتِه. وَفِي اَلْوَقْتِ نَفْسِهِ ، يَجِبَ عَلَى اَلشَّخْصِ أَيْضًا أَنْ يُنْفِقَ مِنْ أَمْوَالِهِ عَلَى أَقَارِبِهِ عِنْدَ اَلْحَاجَةِ فِي حُدُودِ إِمْكَانِيَّاتِهِ.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
هُنَاكَ دَرَجَاتٌ لِكَمَالِ صِلَةِ اَلرَّحِمِ. أَدْنَاها: أَنْ يَكُونَ حَدِيثُنَا حَدِيثًا لَطِيفًا تُجَاهَ أَقَارِبِنَا؛ بِعَدَمِ إِهْمَالِ التَّحِيَّةِ وَالسُّؤَالِ، دَائِمًا نُفَكِّرُ بِأَشْيَاءَ جَيِّدَةٍ لهم وَنْتَمَنَّى اَلْخَيْر لَهُم. وَالدَّرَجَةُ اَلثَّانِيَةُ: اَلذَّهَابَ لِزِيَارَتِهِمْ وَمُسَاعَدَتِهِمْ فِي مُخْتَلِفِ اَلْأُمُورِ ، وَلَا سِيَّمَا اَلِاتِّصَالُ بِكِبَارِ اَلسِّنِّ مِنْ حِينٍ لِآخَرَ ، وَمُتَابَعَتُهُمْ إِذَا كَانَ لَدَيْهِمْ عَمَلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ اَلْقِيَامُ بِهِ. هَذِهِ هِيَ صِلَةُ اَلرَّحِمِ فَعَلَيْنَا اَلْقِيَامُ بِهَا قَدْرَ اَلْامْكَانِ .
أَخْتِمُ خُطْبَتِي بِقَوْلِهِ ﷺ: «تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيس، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا عَبْدًا كَانَتْ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاء، فَيُقَالُ: اُتْرُكُوا هَاذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا».