خطبة
خطبة الجمعة ٢٢\١\٢٠٢١ – آدَابُ الْجُمْعَةِ
22.01.2021،يَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامَ
إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ هُوَ يَوْمُ عِيدِ الْمُسْلِمِينَ الْأُسْبُوعِيَّ، وَهُوَ يَوْمُ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْأُخُوَّةِ وَالْحُبِّ. لِذَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا»[1] فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ هُوَ كَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْنَا فِيهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، اِسْتَطَعْنَا أَنْ نُؤَدِّيَ هَذَا الْوَاجِبَ فِي فَتْرَةِ الْجَائِحَةِ بِلَبْسِ الْأَقْنِعَةِ الْجِرَاحِيَّةِ وَالِالْتِزَامِ بِالتَّبَاعُدِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَمَا لَجَأْنَا إِلَى الْمَعَاذِير.
فَرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْنَا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وَالسَّعْيَ إِلَيْهَا حِينَ قَالَ: ﴿يَٓا اَيُّهَا الَّذينَ اٰمَنُٓوا اِذَا نُودِيَ لِلصَّلٰوةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا اِلٰى ذِكْرِ اللّٰهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ط ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ اِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[2]
يَا إِخْوَتِي الْأَعِزَّاءِ،
يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَفِيدَ مِنْ خَيْرِ هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَمِنْ بَرَكَتِهِ. وَلِهَذَا يَجِبُ أَنْ نَسْتَعِدَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا. ثُمَّ نَلْبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِنَا. وَلَا نَأْكُلَ أَوْ نَشْرَبَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَة. وَنَتَعَطَّرُ بِالرَّائِحَةِ الْحَسَنَة. وَنَتَحَرَّكُ نَحْوَ الْمَسْجِدِ بِالْوَعْيِ أَنَّهُ عِبَادَةٌ. وَنَسْعَى لِنَصِلُ إِلَى الْمَسْجِدِ مُبَكِّرًا وَنُحَاوِلُ أَنْ نُصَلِّيَ فِي أَوَّلِ الصُّفُوفِ. يَقُولُ رَسُولُ اللّهِ ﷺ فِي هَذِهِ الِاسْتِعْدَادَاتِ:«مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» [3]
يَا إِخْوَتِي الْكِرَامِ،
الْمُسْلِمُ الَّذِي يَقِفُ فِي الصُّفُوفِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ فِي رُوْحِ الصَّلَاةِ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ بِيَمِينِهِ وَيَسَارِهِ مَلَاَئِكَةٌ، كَمَا أُفِيدَ فِي الْحَديثِ الشَّرِيفِ. وَيَجِبُ أَنْ يَسْتَمِعَ لِلْخُطْبَةِ الَّتِي تَحْضُرُهَا الْمَلَاَئِكَةُ وَأَنْ يَسْكُتَ. وَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَجَنَّبَ الْأُمُورَ الَّتِي يَشْغَلُهُ عَنِ الِاسْتِمَاع. فَمِمَّا يَشْغَلُ الْإِنْسَانَ عَنِ الِاسْتِمَاعِ، أَنْ يُكَلِّمَ الْآخَرِينَ، أَوْ أَنْ يَنْظُرَ لِلْهَاتِفِ أَوْ مَا شَابَهَه، أَوْ أَنْ يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَشِمَالًا طُولَ الْوَقْتِ. فَقَالَ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ ﷺ«إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ»[4]
يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْوِيَ تَطْبِيقَ مَا سَمِعَ فِي الْخُطْبَةِ، وَأَنْ يَعْمَلَ بِهَا فِي أَوَّلِ فُرْصَة. فَالسُّنَنُ الَّتِي شُرِعَتْ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ عُذْرٌ. وَبِهَذَا يَكُونُ قَدْ أَخَذَ نَصِيبَهُ الْكَامِلَ مِنْ خَيْرِ الْجُمُعَةِ وَبَرَكَتِهِ. نَخْتِمُ خُطْبَتَنَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللّهِ ﷺ:«إِنَّ فِى الْجُمُعَةِ سَاعَةً، لاَ يَسْأَلُ اللَّهَ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ»[5]
[1] صحيح مسلم، رقم الحديث (٢٠١٣)
[2] سورة الجمعة:٩
[3] سنن أبي داود، كتاب الطهارة، ١٣٠، رقم الحديث (٣٤٥)؛ سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، رقم الحديث (١١٤٠)
[4] صحيح البخاري، كتاب الجمعة، ٣٦؛ صحيح مسلم، كتاب الجمعة، ١١
[5] صحيح البخاري، ١١\٢٠، رقم الحديث (٥٩٢١)