خطبة

يوم عاشوراء

11.07.2024
Takka Tasbih Holz

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ 

﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذٖينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَٓاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُؕ وَاُو۬لٰٓئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظٖيمٌۙ ﴿١٠٥﴾

عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ:

« أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلاَةُ اللَّيْلِ »

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ المُقْبِلِ المُوَافِقِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ يُولْيُو، يُوَافِقُ اليَوْمَ العَاشِرَ مِنْ شَهْرِ مُحَرَّمٍ هِجْرِيًّا، وَهُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ. لَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَحْدَاثًا مُهِمَّةً فِي تَارِيخِ البَشَرِيَّةِ وَقَعَتْ فِي هَذَا اليَوْمِ .فَفِي هَذَا اليَوْمِ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَةَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنَجَا نُوح عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الطُّوفَانِ هُو وَسَفِينَتُه، ونَجَا إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي أُلْقِيَ فِي نَارِ نَمْرُود الظَّالِمِ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَجَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ ظُلْمِ فِرْعَوْن، وَنَجَا يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ السِّجْنِ، وَبِذَلِك اليَوْمِ أَيْضًا أَرَاحَ اللَّهُ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي كَانَ مِثَالًا لِلصَّبْرِ عَلَى البَلَاءِ وَالمَصَائِبِ مِنْ مَرَضِهِ . وَبِالإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّ فِي هَذَا اليَوْمِ، قُتِلَ حَفِيدُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُسَيْنٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الَّذِي كَانَ قُرَّةَ عَيْنِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا مِنْ أَشَدِّ الكَوَارِثِ إيلَامًا فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ مُرُورِ القُرُون. فَإِنَّ هَذِهِ المَذْبَحَةَ المُفْجِعَةَ لَا تَزَالُ تُؤْلِمُ قَلْبَ كُلِّ مُسْلِمٍ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ مَذْهَبِهِ وَطَائِفَتِهِ. وَنَحْن كَمُسْلِمِينَ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَخَطَّى هَذِهِ الْفِاجَعَةَ آخِذِينَ العِبْرَةَ مِنْهَا.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

إنَّ أَعْظَمَ رِسَالَةٍ قَدَّمَهَا لَنَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ هِيَ أَنَّ وَحْدَةَ الْأُمَّةِ مِنْ أَعْظَمِ أَهْدَافِ حَيَاةِ الْمُسْلِمِ. وَيُحَذِّرُنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذٖينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَٓاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُؕ وَاُو۬لٰٓئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظٖيمٌۙ يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ مُتَعَاطِفِينَ وَرُحَمَاءَ مَعَ بَعْضِنَا الْبَعْضِ حَتَّى لَا يَحْدُثَ حَرْبٌ جَدِيدَة. فَلْنَكُنْ مُتَرَابِطِينَ وَمُتَفَاهِمِينَ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَباغَضُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ.» فَلْنُحَاوِلْ أنْ نَعِيشَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ فِي هَذَا الحَدِيثِ، وَلْنَتَّحِدْ حَوْلَ المَبَادِئِ وَالقِيَمِ الإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي سَتُوَصِّلُنَا إِلَى الْفَلَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

فِي عَصْرِ صَدْرِ الإِسْلَامِ كَانَ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَاجِبًا قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ اللَّهُ عَلَيْنَا صَوْمَ رَمَضَانَ. وَبَعْدَ أَنْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْنَا صَوْمَ رَمَضَانَ أَصْبَحَ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ النَّوَافِلِ. فَلِذَلِكَ إنَّ أَفْضَلَ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ هُوَ اليَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ يَعْنِي يَوْم عَاشُورَاءَ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلاَةُ اللَّيْلِ» وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَدِيثِ آخَرَ: «وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

كَمَا ذَكَرْنَا فِي بِدَايَةِ الخُطْبَةِ إنَّ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ ذُكِرَتْ قِصَصُ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ مَكَافَحَتَهُمْ وَجِهَادَهُمْ مِنْ أَجْلِ التَّوْحِيد بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَجْعَلَهُمْ قُدْوَةً لَنَا نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ. يَجِبُ عَلَيْنَا أَوَّلًا أَنْ نَتَحَلى بِالْأَخْلَاقِ الإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَسَاسُ التَّوْحِيد، وَعَلَيْنَا أَنْ نَسْعَى جَاهِدِينَ لِنَشْرِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ لِلنَّاسِ نَحْوَ الخَيْرِ. نَحْنُ المُسْلِمُونَ سَنُحَاسَبُ أَوَّلًا عَلَى أَنْفُسِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَكِنْ أَيْضًا سَيُحَاسِبُنا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى مَسْؤُولِيَّاتِنَا وَوَاجِبَاتِنَا تُجَاهَ مَنْ حَوْلَنَا. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ نُدْرِكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَأَنْ نُعَزِّزَ وَنُقَوِّيَ وَحْدَتَنَا، وَتَضَامُنَنَا، وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ ذُنُوبَنَا وَيُكَفِّرَ سَيِّئَاتِنَا.

خُطْبَة

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com