خطبة
مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ الْإِنْفَاقُ
18.01.2024بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ
﴿ وَاَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ اَنْ يَأْتِيَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَٓا اَخَّرْتَـنٖٓي اِلٰٓى اَجَلٍ قَرٖيبٍۙ فَاَصَّدَّقَ وَاَكُنْ مِنَ الصَّالِحٖينَ ﴿١٠﴾ ﴾
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
« مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا »
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
بَيْنَمَا يَصِفُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُتَّقِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿اَلَّذ۪ينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُق۪يمُونَ الصَّلٰوةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَۙ﴾ وَلَا شَكَّ أَنَّ مِنْ أَهَمِّ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ النَّفَقَةُ. الصَّدَقَةُ هِيَ إعْطَاءُ الْمُحْتَاجِينَ مِنَ الْأَمْوَالِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا اللَّهُ عَلَيْنَا. وَهَذَا يَعْنِي الِاهْتِمَامَ وَالرِّعَايَةَ بِالْمُحْتَاجِينَ، وإسْدَاءَ الخَيْرِ لأَهْلِنَا، وَأَقَارِبِنَا، وَجِيْرَانِناَ، وَإِخْوَانِنَا فِي الدِّينِ.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: ﴿وَاَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ اَنْ يَأْتِيَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَٓا اَخَّرْتَـنٖٓي اِلٰٓى اَجَلٍ قَرٖيبٍۙ فَاَصَّدَّقَ وَاَكُنْ مِنَ الصَّالِحٖينَ﴾
وَمِنَ النِّقَاطِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي أَكَّدَ اللَّهُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الآية أَنَّ الْمَالَ وَالْمُلْكَ وَالرِّزْقَ مِنَ اللَّهِ. فَإِنَّ صَاحِبَ كُلِّ النِّعَمِ وَالْمَالِ هُوَ اللَّهُ. وَيَأْمُرُنَا بأَنْ نُشَارِكَ هَذِهِ النِّعَمَ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا مَعَ عِبَادِهِ الْمُحْتَاجِينَ. وَبِهَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ لَنَا نَبِيُّنَا أَنَّ النَّفَقَةَ وَالتَّبَرُّعَاتِ الَّتِي نُقَدِّمُهَا لِلْمُحْتَاجِينَ لِوَجْهِ اللَّهِ لَنْ تَنْقُصَ مِنْ ثَرْوَتِنَا: «ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ».
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
الْمُسْلِمُ الَّذِي يُدْرِكُ مَسْؤُولِيَّتَهُ تُجَاهَ الْإِنْسَانِيَّةِ لَا يَتَصَرَّفُ بِأَنَانِيَةِ. بَلْ تَتَّجِهُ مَشَاعِرُهُ تُجَاهَ الْمُحْتَاجِينَ الَّذِينَ حَوْلَهُ. وَيُنْفِقُ مَا لَدَيْهِ مِنْ مَالٍ لِمُسَاعَدَةِ الْمَظْلُومِينَ وَكُلِّ مَنْ يَحْتَاجُ لِلْمُسَاعَدَةِ. وَيَفْعَلُ فَقَط ذَلِكَ لِأَجْلِ رِضَا اللَّهِ، وَلَيْسَ لِيَظْهَرَ كَإِنْسَانٍ فَاعِلِ الْخَيْرِ فِي أَعْيُنِ الْمُجْتَمَعِ. وَيَجْعَلُ هَذَا الْإِنْفَاقَ وَكُلَّ مَا هُوَ خَيْرٌ لِلَّهِ وَلَيْسَ رِيَاءً. وَكَمَا قَالَ كِبَارُنَا مَا تُعْطِيهِ يَدُكَ لَا يَجِبُ أَنْ تَرَاهُ الْيَدُ الْأُخْرَى. وَقَدْ ذَكَرَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِنْ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: “ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ“
أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. فَلْنُنْفِقْ وَلْنُنَفِّذْ أَمَرَ اللَّهِ دَائِمًا قَدْرَ اسْتِطَاعَتِنَا. وَلْنُؤْمِنْ بِأَنَّ كُلَّ مَا نُنْفِقُهُ لِرِضَا اللَّهِ سَتَكُونُ بِهِ بَرَكَةٌ فِي أَمْوَالِنَا. قالَ رَسُول اللَّه ﷺ:“مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبِحُ العِبادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا“
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
قَامَتْ مُؤسَّسَتُنَا حَتَّى الْيَوْمِ بِفَضْلِ اللَّهِ، وَبِوَسِيلَةِ جَمْعِيَّتِنَا، وَالْحَمَلَاتِ الْخَيْرِيَّةِ بِإِنْشَاءِ مَدَارِسَ أَطْفَالٍ ابْتِدَائِي وَإِعْدَادِي، وَمَرَاكِزَ لِلتَّعْلِيمِ، وَسَكَنِ الطُّلَّابِ، وَمُجَمَّعَاتِ مُخْتَلِفَةٍ. فَلَنَدْعُمْ جَمِيعًا الْحَمْلَةَ الْخَيْرِيَّةَ لِمُنَظَّمَتِنَا لِهَذَا الْعَامِ ٢٠٢٤ (ألفَيْن أرْبَعَةٍ وعِشْرِينَ) قَدْرَ اسْتِطَاعَتِنَا، وَلْيَكُنْ لَنَا نَصِيبٌ فِي بِنَاءِ الْمَرَاكِزِ التَّعْلِيمِيَّةِ، وَالْمَدَارِسِ، وَسَكَنِ الطُّلَّابِ حَوْلَ الْعَالَمِ. وَلْنَنَالْ بِهَذَا رِضَا اللَّهِ. تَقَبَّلَ اللَّهُ كُلَّ تَبَرُّعَاتِكُمْ آمِينَ.