خطبة
خُطْبَةُ الْجُمُعَة – لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ
02.02.2024أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
سَنَقْضِي لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ الَّتِي لَهَا أَهَمِّيَّةٌ كَبِيرَةٌ فِي الْإِسْلَامِ فِي لَيْلَةِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْمُقْبِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَفِي أَوَاخِرِ الْعَهْدِ الْمَكِّيِ عِنْدَمَا زَادَ الْمُشْرِكُونَ الظُّلْمَ وَالْأَذَى عَلَى رَسُولِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أُرْسِلَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، جَرَتْ حَادِثَةُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلًا وَكَرَمًا. لَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ الْمُبَارَكَةُ فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ:(سُبْحَانَ الَّـذٖٓي اَسْرٰى بِعَبْدِهٖ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ اِلَى الْمَسْجِدِ الْاَقْصَا الَّذٖي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ اٰيَاتِنَاؕ اِنَّهُ هُوَ السَّمٖيعُ الْبَصٖيرُ)
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
وَلِأَجْلِ عَدَمِ انْتِشَارِ الْإِسْلَامِ مُشْرِكُو مَكَّةَ كَانُوا يُعَذِّبُونَ وَيُعَاقِبُونَ الْمُسْلِمِينَ بِدُونِ حُدُودٍ، وَمَنَعُوا الْعَلَاقَاتِ الِاقْتِصَادِيَّةَ وَالِاجْتِمَاعِيَّةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ. وَعِنْدَمَا تَوَقَّفُوا عَنْ هَذَا الْمَنْعِ تُوُفِّيَ عَمُّ نَبِيِّنَا أَبُو طَالِبٍ الَّذِي كَانَ يَحْمِيهِ، وَزَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الَّتِي كَانَتْ تُسَانِدُهُ فِي أَصْعَبِ أَوْقَاتِهِ. وَعِنْدَمَا حَدَثَ ذَلِكَ ظَنَّ الْمُشْرِكُونَ أَنْ نَبِيَّنَا أَصْبَحَ بِلَا حَامٍ، فَزَادُوا فِي ظُلْمِهِمْ أَكْثَرَ. فَذَهَبَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الطَّائِفِ لِتَبْلِيغِ الدَّعْوَةِ؛ لَكِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلُوهُ هُنَاكَ بِشَكْلٍ لَائِقٍ. وَتَعَرَّضَ لِإِهَانَاتٍ كَبِيرَةٍ وَرَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ. وَكَانَتْ قَدَمَاهُ الْمُبَارَكَةُ مَلِيئَةً بِالدِّمَاءِ. وَفِي هَذَا الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَاجَةٍ إِلَى الْمُوَاسَاةِ حَمَى اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ وَأَعْطَاهُ مُعْجِزَةَ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
وَقَدْ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَعَارِجِ بِثَلَاثِ هَدَايَا عَظِيمَةٍ لِأَمَتِهِ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَحَدِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ قَالَ: “…فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثاً: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِالله مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئاً الْمُقْحِمَاتُ.” رَوَاهُ مُسْلِمٌ
إنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ عَنْهَا بِأَنَّهَا قُرَّةُ عَيْنَيْهِ مِنْ أَهَمِّ شَعَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فِي حَيَاتِهِمِ اليَوْمِيَّةِ. إنَّ الصَّلَاةَ فُرْصَةٌ لَنَا لِنَتَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ وَنَلْجَأَ إلَيْهِ. الصَّلَاةُ فُرْصَةٌ لَنَا تَقْوِي عَلَاقَتَنَا مَعَ اللَّهِ. أَدَاءُ الْإِنْسَانِ الصَّلَوَاتِ دَائِمًا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا دُونَ الْإِهْمَالِ يَجْعَلُهُ ذَا أَخْلاقٍ حَسَنَةٍ، وَمُتَوَاضِعًا، وَرَحِيمًا، وَعَادِلًا. كَمَا قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾.
أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،
إِنَّ بِلَادَ الْقُدْسِ وَفِلَسْطِينَ الَّتِي فِيهَا الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى حَيْثُ جَرَتْ فِيهِ حَادِثَةُ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ نَرَى فِيهَا الظُّلْمَ، وَالْقَهْرَ، وَالدُّمُوعَ فِي يَوْمِنَا هَذَا. كُلُّ مَنْ أمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْيَوْمِ الْاَخِرِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَامِتًا فِي مُوَاجَهَةِ هَذِهِ الْمَظَالِمِ. يَقُولُ نَبِيُّنَا الْحَبِيبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى». لَيْلَةُ الْمِعْرَاجِ الْمُبَارَكَةُ فُرْصَةٌ لَنَا يَنْبَغِي أَنْ نَسْتَغِلَّهَا وَنَجْعَلَهَا وَسِيلَةً فِي قَبُولِ دُعَاءِنَا لِنَصْرِ إخْوَانِنَا الْفِلِسْطِينِيِّينَ. اللَّهُمَّ انْصُرْ إخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ. أَمِين