خطبة

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: رمضان شهر الهدى والرحمة

13.03.2025
Kur'an Sayfası Tesbih Ahşap

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

قَدْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ الْمُبَارَكِ أُسْبُوعَانِ، وَهُوَ الشَّهْرُ الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ بِقَوْلِهِ: “شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰاتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ” وَيَقُولُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ: « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» فِي هَذَا الشَّهْرِ نُزَكِّي أَنْفُسَنَا بِالصِّيَامِ وَنَتَطَهَّرُ، وَحَيَاتُنَا تَزْدَادُ جَمَالًا بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَنَتَحَلَّى بِالْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ، وَنَتَدَرَّبُ عَلَى الصَّبْرِ. نَسْعَدُ بِالْإِفْطَارِ، وَنَجِدُ الرَّاحَةَ وَالسَّكِينَةَ فِي التَّرَاوِيحِ، وَتَزْدَادُ حَيَاتُنَا بَرَكَةً بِصَلَاةِ التَّهَجُّدِ وَالسُّحُورِ.

 شَهْرُ رَمَضَانَ الْفَضِيلُ يُعَلِّمُ الْمُسْلِمَ كَيْفَ يَعِيشُ كَمُؤْمِنٍ حَقِيقِيٍّ كَامِلٍ، شَهْرُ رَمَضَانَ يُعَلِّمُ الْمُؤْمِنَ كَيْفَ يَعِيشُ فِي الدُّنْيَا وَكَيْفَ يَصِلُ لِلْجَنَّةِ، وَكَيْفَ يَنَالُ رِضَا اللَّهِ. فَلْنَتَأَمَّلْ حَالَنَا مُنْذُ بِدَايَةِ الشَّهْرِ حَتَّى الْآنَ: – هَلْ أَحْدَثَ فِينَا الصِّيَامُ تَغْيِيرًا إِيجَابِيًّا؟ – هَلِ ابْتَعَدْنَا عَنْ ذَنْبٍ نَهَانَا اللَّهُ عَنْهُ؟ – هَلْ زِدْنَا أَعْمَالَ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ؟ – هَلْ طَبَّقْنَا تَعَالِيمَ الْقُرْآنِ فِي حَيَاتِنَا؟ – هَل اِسْتَطَعْنَا أَنْ نُطَبِّقَ مَا أَمَرَنَا اللَّهُ بِهِ وَنَبْتَعِدَ عَمَّا نَهَانَا اللَّهُ عَنْهُ فِي حَيَاتِنَا؟ – هَلْ تَعَامُلُنَا فِي الْبَيْتِ، وَمَعَ أَقَارِبِنَا وَمَعَ النَّاسِ فِي اَلْمُجْتَمَعِ كَمَا يُحِبُّ اللَّهُ وَيَرْضَى؟ شَهْرُ رَمَضَانَ يُعَلِّمُنَا كَيْفَ نَعِيشُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. فَلْنُحَاسِبْ أَنْفُسَنَا، وَلْنَسْتَغِلَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ الْمُبَارَكَةَ فِي تَنْظِيمِ حَيَاتِنَا كَمَا يُحِبُّ اللَّهُ وَيَرْضىَ، وَلْنَجْعَلْ رَمَضَانَ بِدَايَةَ تَغَيُّرٍ فِي حَيَاتِنَا.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا الصَّبْرَ فِي مُجَاهَدَةِ أَنْفُسِنَا لِأَجْلِ طَاعَةِ اللَّهِ وَرِضَاهُ. النَّفْسُ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ. يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الِانِّسَانَ بِحَاجَةٍ دَائِمَةٍ إِلَى مُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ، وَالسَّعْيِ فِي تَهْذِيبِهَا، وَلِيَفْعَلَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ. قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ» أَيْ أَنَّ الصَّوْمَ يَحْمِي وَيُحَصِّنُ الْإِنْسَانَ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَالْمَعَاصِي. فَالصِّيَامُ يُرَبِّي النَّفْسَ عَلَى الصَّبْرِ، وَيُهَذِّبُنَا، وَيُحَسِّنُ أَخْلَاقَنَا، وَيُزَكِّي الْقَلْبَ، وَيَمْنَحُ الْإِنْسَانَ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّحَكُّمِ فِي شَهَوَاتِهِ وَأَهْوَائِهِ، وَيُحَافِظُ عَلَى صِحَّتِنَا وَيُقَوِّي مَشَاعِرَ الرَّحْمَةِ فِينَا.

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

نَحْنُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ وَهُوَ الشَّهْرُ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالْكَثِيرِ مِنْ الْفَوَائِدِ. وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ يَمْنَحُنَا فُرْصَةً عَظِيمَةً فِي أَنْ نَشْعُرَ بِحَالَاتِ الْفُقَرَاءِ. الصَّائِمُ كَمَا يُسَيْطِرُ عَلَى شَهَوَاتِهِ الْجَسَدِيَّةِ بِهَذَا الشَّهْرِ يَجِبُ أَيْضًا أَنْ يُسَيْطِرَ عَلَى مَشَاعِرِهِ وَأَفْكَارِهِ، وَيَسْتَغِلَّ هَذَا الشَّهْرَ الْفَضِيلَ فِي تَرْتِيبِ وَتَنْظِيمِ حَيَاتِهِ. هَذَا الشَّهْرُ هُوَ شَهْرُ التَّغْيِيرِ. وَمِنْ هُنَا دَعُونَا نُحَاوِلْ أَنْ نَفْهَمَ الْمَغْزَى مِنْ هَذَا الشَّهْرِ، وَنُحَدِّدَ لِأَنْفُسِنَا أَهْدَافًا وَاضِحَةً سَوَاءٌ كَانَتْ مَادِّيَّةً، أَوْ مَعْنَوِيَّةً، أَوْ اجْتِمَاعِيَّةً، وَنُرَاجِعْ هَذِهِ الْأَهْدَافَ ثُمَّ نُحَاسِبُ أَنْفُسَنَا. يَجِبُ أَنْ نَحْرِصَ أَيْضًا عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَمُسَاعَدَةِ الْمُحْتَاجِينَ، وَدَعْمِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْخَيْرِيَّةِ، وَنُصْرَةِ الْمَظْلُومِينَ وَزِيَارَةِ الْأَرْحَامِ، وَالْجِيرَانِ، وَالْأَصْدِقَاءِ، وَالْمَرْضَى كَمَا يَجِبُ أَنْ نَحْرِصَ عَلَى دَعْوَةِ النَّاسِ إلى اللهِ.

وَلْنَخْتِمُ خُطْبَتَنَا بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ” حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا؛ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة: ١٨] “.

خُطْبَةُ الْجُمُعَة: رمضان شهر الهدى والرحمة

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com