خطبة
خُطْبَةُ الْجُمُعَة: اِسْتِمْرَارُ حَالَةِ الصِّيَام
20.04.2023أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
نَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى أَنْ بَلَّغَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ الْمُبَارَكَ مَرَّةً أُخْرَى. وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَتَقَبَّلَهُ مِنَّا بِقَبُولٍ حَسَن. لَقَدِ اجْتَهَدْنَا فِي هَذَا الشَّهْرِ فِي تَزْكِيَةِ نُفُوسِنَا، وَفِي تَزْكِيَةِ أَمْوَالِنَا، وَصَحِبْنَا الْقُرْآنَ الْكَرِيْمَ، وَتَدَبَّرْنَا آيَاتِهِ، وَقُمْنَا الْلَيَالِيَ وَنَاجَيْنَا رَبَّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. غَيْرَ أَنَّ حَالَنَا هَذِهِ يَنْبَغِي أَلَّا تَكُونَ خَاصَّةً بِهذَا الْمَوسِمِ فَحَسْب، بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَصْحِبَ هَذِهِ الْحَالَةَ طِوَالَ السَّنَة. يَقُولُ ؐ: «اَلصِّيَامُ جُنَّة».[1] بِمَعْنَى وِقَايَة. فَمَنِ الْتَزَمَ الصَّوْمَ خِلَالَ السَّنَةِ كُلِّهَا، فَقَدْ وَعَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يَقِيَهُ بِالصَّوْمِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقٖينُ﴾.[2] فَعَلَيْنَا أَنْ نُلَازِمَ الصَّوْمَ بِجَمِيعِ أَعْضَائِنَا طِوَالَ الْعَام.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
اَلْعُبُودِيَّةُ تَحْتَاجُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَمِرَّةً دَائِمَةً بِلَا انْقِطَاع. فَكَمَا عَبَدْنَا اللّهَ تَعَالَى فِي هَذَا الشَّهْرِ، نَعْبُدُهُ فِي سَائِرِ الشُّهُور. نُصَلِّيَ فِي الْمَسَاجِدِ جَمَاعَةً، وَنَتْلُو كِتَابَ رَبِّنَا يَوْمِيًّا، وَنَصُومُ مِنَ النَّوَافِلِ أُسْبُوعِيًّا. عَنْ عَلْقَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ؐ يَخُصُّ مِنَ الْأَيَّامِ شَيْئًا؟ قَالَتْ: «لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً. وَأَيُّكُمْ كَانَ يُطِيقُ مَا كَانَ النَّبِيُّ ؐ يُطِيقُ؟!».[3]
وَعَلَيْنَا خَاصَّةً أَنْ نَصُومَ سِتًّا مِنْ شَوَّال، فَقَدْ قَالَ ؐ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر».[4]
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
أَخْتِمُ خُطْبَتِي بِمَقُولَةِ ذَلِكَ الْمُفَكِّرِ الْإِسْلَامِي، اَلَّذِي قَال: “إِنَّمَا يَبْدَأُ التَّلَبُّسُ بِحَالِ الْحَجِّ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مَكَّة، وَبِحَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِد، وَبِحَالِ الصَّوْمِ بَعْدَ انْتِهَاءِ رَمَضَان”.
أَسْأَلُ الْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَّا صِيَامَنَا وَقِيَامَنَا، وَأَنْ يُبَلِّغَنَا مَرْضَاتِه، إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْه. آمِين!
[1] صحيح البخاري، كتاب الصوم، 2
[2] سورة الحجر: 99
[3] صحيح البخاري، كتاب الصوم، 64
[4] صحيح مسلم، كتاب الصيام، 204