خطبة
خُطْبَةُ الْجُمُعَة: الأخوة بين المسلمين
30.01.2025أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
دِينُنَا الْإِسْلَامُ أَمَرَنَا بِالْوحْدَةِ وَالتَّضَامُنِ وَالتَّعَاوُنِ، وَأَمَرَنَا بِأَنْ نُكَوِّنَ عَلَاقَاتٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَتَكُونُ هَذِهِ الْعَلَاقَاتُ مَبْنِيَّةً عَلَى الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ، وَنَتْعَامِلَ مَعَهُمْ بِالْحُسْنَى. وَنَهَانَا دِينُنَا أَيْضًا مِنْ كُلِّ قَوْلٍ وَعَمَلٍ سَيِّئٍ مَع بَعْضِنَا الْبَعْضِ كَالْخِصَام، وَقَطْعِ الْعَلَاقَاتِ الْأُخُوَّةِ بَيْنَنَا. تِلْكَ الْايَةُ الَّتِي قَرَأْنَاهَا فِي بِدَايَةِ الْخُطْبَةِ تُذَكِّرُنَا بِهَذَا. يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ اَوْلِيَٓاءُ بَعْضٍۘ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقٖيمُونَ الصَّلٰوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكٰوةَ وَيُطٖيعُونَ اللّٰهَ وَرَسُولَهُؕ اُو۬لٰٓئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّٰهُؕ اِنَّ اللّٰهَ عَزِيزٌ حَكٖيمٌ ﴾
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
نَحْنُ الْمُؤْمِنُون نُؤْمِنُ بِدِينِنَا الْحَنِيف، وَنُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَنَعْبُدُهُ، وَنُؤْمِن بِكِتَابِ اللَّهِ. وَبِكُوْنِنَا مُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَبِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ، يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُطِيعَ أَوَامِرَ اللَّهِ بِالتَّعَاوُنِ، وَالْوحْدَةِ، وَالتَّضَامُنِ مَعَ مَنْ حَوْلَنَا. وَمَنْ يُطِعْ أَوَامِرَ اللَّهِ بِالْإِخْلَاصِ يَصِلُ إلَى الْفَلَاحِ وَالسَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. أَسَاسُ هَذَا الْأَمْرِ أَنْ يُسَاعِدَ كُلُّ أَحَدٍ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لِرِضَى اللَّهِ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ. يَقُولُ رَسُولُنَا الكَرِيمُ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» وَبِهَذَا الْحَدِيثِ يُؤَكِّدُ رَسُولُنَا الكَرِيمُ أَنَّ الْمُجْتَمَعَ لَا يَنْهَضُ إِلَّا بِالْحُبِّ وَالْمَوَدَّةِ، وَبِمُسَاعَدَةِ النَّاسِ لِبَعْضِهِمْ الْبَعْضِ. وَذَكَّرَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَنْ وَاجِبِنَا تُجَاهَ بَعْضِنَا الْبَعْضِ. تَوَحُّدُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ بَعْضِهِمْ الْبَعْضِ عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ جَعَلَهُمْ يُصْبِحُونَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ. الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالْخُلُقُ الْحَسَنُ الَّذِي عَلَّمَنَا إيَّاهُ رَسُولُنَا الكَرِيمُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَجْعَلُنَا قَادِرِينَ عَلَى مُسَاعَدَةِ إخْوَانِنَا الْمَظْلُومِين وَالْمُضْطَهَدِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، مَهْمَا كَانَ عِرْقُهُمْ وَدِينُهُمْ.
أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،
وَفِي حَدِيثٍ آخَرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «عَلَيْكم بِالجَمَاعةِ، وإيَّاكُمْ والفُرقَةَ؛ فإنَّ الشَّيطانَ معَ الوَاحدِ، وَهُوَ مِنَ الاثنَينِ أبعَدُ، مَن أراد بحبوحةَ الجنَّةِ فلْيلزَمِ الجماعةَ، ومَن سرَّتْه حسنتُه وساءَتْه سيِّئتُه فذلك المؤمنُ»
الْإِنْسَانُ كَائِنٌ اجْتِمَاعِيّ، مِنْ فِطْرَتِهِ وَطَبْعِهِ أَنْ يَعِيشَ فِي الْمُجْتَمَعِ بَيْنَ النَّاسِ. وَدِينُنَا اُلْإِسْلَامُ هُوَ الْمَصْدَرُ الْأَعْظَمُ الَّذِي يُحَدِّدُ وَاجِبَاتِنَا وَمَسْؤُولِيَّاتِنَا تُجَاهَ بَعْضِنَا البَعْضِ فِي الْمُجْتَمَعِ. مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَعْلَمْ يَقِينًا أَنَّهُ سَيُحَاسَبُ أَمَامَ اللَّهِ عَلَى مَا فَعَلَهُ وَعَلَى مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِفِعْلِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ، فَإِنَّه بِالتَّأْكِيد سَوْفَ يَقُومُ بِمَسْؤُولِيَّاتِه.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
جَمَاعَتُنَا تَخْدِمُ الْإِسْلَامَ فِي الْعَدِيدِ مِنَ دُوَلِ الْعَالَمِ بِجَوَامِعِهَا، وَبِمَدَارِسِها، وَجَمَاعَاتِهَا لِلْحِفْظِ، وَالتَّعْلِيمِ. وَنَهْدِفُ لِتَقْدِيمِ أَفْضَلِ الْخِدْمَاتِ لِلنَّاسِ فِي كَافَّةِ الْمَجَالَاتِ مِنْ خِلَالِ تَرْسِيخِ رُوحِ الْأُخُوَّةِ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ النَّاسِ. فَلْنُشَجِّعْ لِلْإِنْضِمَامِ إلَى مُؤَسَّسَاتِنَا وَالِانْضِمَامِ إلَى هَذِهِ الدَّوْرَاتِ مِنْ خِلَالِ تَوْضِيحِ خِدْمَاتِنَا لِلنَّاسِ. ولَا نَنْسَ أَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ “الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ”.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ عِبَادَاتٌ تُطَهِّرُ قُلُوبَنَا، وَتُقَوِّي شُعُورَنَا بِالْعُبُودِيَّة، وتُقَرِّبُنَا إلَى اللَّهِ. خُصُوصًا الْعُمْرَةُ الَّتِي تُؤَدَّى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِبُشْرَى مِنْ رَسُولِنَا أَنَّ ثَوَابَهَا مِثْلُ ثَوَابِ الْحَجِّ. مَنْ يُرِدِ الِاعْتِمَارَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلْيُبَاشِرْ بِالِالْتِحَاقِ وَالتَّسْجِيلِ، وَلْيَتَقَدَّمْ إلَى جَمَاعَتِنَا. الْإِخْوَةُ الَّذِينَ لَمْ يَقُومُوا بِفَرْضِ الْحَجِّ حَتَّى الْانَ فَلَيُبَاشِرُوا بِالتَّسْجِيلِ وَيَسْتَغِلُّوا هَذِهِ الْفُرْصَةَ الَّتِي لَنْ يَنْسُوهَا طِوَالَ حَيَاتِهِمْ. اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ أَعْمَالَنَا وَنَوَايَانَا. جُمُعَةٌ مُبَارَكَةٌ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.