خطبة
خَاتَمُ النَّبِيِّين
22.09.2023﴿ لَقَدْ جَٓاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ اَنْفُسِكُمْ عَزٖيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرٖيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنٖينَ رَؤُفٌ رَحٖيمٌ ﴾.
وعن علي t قال: «كان رَسُولُ اللَّهِ ﷺ دَائِمَ الْبِشْرِ، سَهْلَ الْخُلُقِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا صَخَّابٍ وَلَا فَحَّاشٍ، وَلَا عَيَّابٍ وَلَا مُشَاحٍ، يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِي، وَلا يُؤْيِسُ مِنْهُ رَاجِيهِ وَلَا يُخَيَّبُ فِيه».
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
الأنْبياءُ هُم عِبَادُ اَللَّه المُصْطَفَوْن، تمَّ اِنْتِقَاؤُهم واصْطِفاؤهم مِن دَاخِل اَلأُسرَةِ البَشَرِيَّة. وورد فِي اَلقُرآن اَلكرِيم كلمةُ “اِصطفَى” لِلدَّلالة على هَذا الَأمر. وَفُسِّر بأنَّ الأنْبياءَ هُم نُخْبَةُ الخَلِيقةِ كُلهَا، وأنَّهم مُخَلَّصُونَ مِنَ الصِّفَات السَّيِّئة، ومُزَيَّنُونَ بِالصِّفات الحميدة.
وإِنَّ نبينا محمد j آخرُ سِلْسلةِ الأنْبياء. الذي صدَّقَ بِالْوَحْي اَلذِي أَنزله إِلَيه رَبُّه، واسْتسْلَم لِأوامر رَبِّه، وَهُو “أَوَّلُ المؤمنين”.
إِنَّه نَبِيٌّ حَريص على أُمَّتِه. استَجَاب بنفْسِه أوَّلاُ لأَمْرِ رَبِّه، ثُم دعا أمتَه. استَقَامَ كما أُمِرَ طِوال حياتِه حتى وفاتِه. كان يَقُوم اللَّيْل شُكْرًا لِرَبِّه، ويُوصِي بِالْاِعْتِدَالِ وتَجَنُّبِ التَّطَرُّف. وَنصَح اِبنتَه فَاطِمةَ بالإكثار مِنَ الأعمالِ وقال: «يَا فَاطِمةَ بِنْتَ مُحمَّد، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِن مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّه شَيْئًا».
إِنَّهُ نَبِيٌّ يُحِبُّ أُمَّتَه. قال اللَّه تعالى عَنْه: ﴿لَقَدْ جَٓاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ اَنْفُسِكُمْ عَزٖيزٌؗ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرٖيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنٖينَ رَؤُفٌ رَحٖيمٌ﴾. يُسَامِحُ مَن يُعادِيهِ، يَدْفَعُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن، يَرُدُّ السَّيِّئَةَ بالحسنة.
أَرسَله ربُّه شاهدًا، ومبشِّرًا، ونذيرًا، وَداعِيا إِلى اللَّه بِإذْنِ رَبِّه، وسِرَاجًا مُنيرًا. إِنَّ وُجُودَه وإرْسالَه نِعْمَةٌ عَظِيمَة، وفَضْلٌ مِنَ اللَّه على الْإنْسانيَّةِ عَامَّة والْمؤْمنين خَاصَّة . بِهِ تَعَرَّفْنَا على اللَّه وبِهِ عَرَفْنَا الْقرْآنَ اَلكرِيم، وبِهِ دَخَلْنَا الْإسْلامَ والْإيمان. لَقد عَرَّفَنَا على مَعنَى وُجودِنَا. وَجلَب لَنَا مَفاتِيحَ السَّعادةِ فِي الدُّنْيَا والْآخرة. وَصفَه عَلِيٌّ رَضِي اَللَّه عَنْه قائِلاً : “كانَ رَسُولُ اللَّه j مُبْتسِمًا لَطيفًا، ولم يَكُن قَطُّ سَيِّئَ الطِّبَاع، ولَا قَاسِيَ الْقَلْب، ولَا غَلِيظَ اللِّسَان، ولَا فَاحِشًا، ولَا عِابِئًا، ولَا بَخِيلاً. يَتَجَاهَلُ مَا لَا يُعْجِبُه، وَلَا يُخيِّبُ مَنْ كَانَ لَهُ أَمَلٌ فِيه، ولَا يُخيِّبُ أَمَانِيَّهُمْ“.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
أَوْصَافُهُ الْحُسْنَى jلَا تُعَدٌّ ولا تُحْصَى. وخُلَاصَةُ الْقَوْلِ فِيهِ مَا قَالَتْهُ عنْهُ عائشةُ رضي الله عنها: “كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اَللَّه اَلقُرآن“. وَمَا قَالَهُ عنْهُ ربُّهُ عز وجل: ﴿وَإنَّك لَعَلى خُلُق عظيم﴾.
أسألُ المَوْلَى عز وجل أنْ يَرزُقَنَا حُبَّهُ وَحُبَّ نَبِيِّهِ محمدٍ j، وأنْ يرزقنا اِتِّبَاعَ سُنَّتِهِ وَالْاِهْتِدَاءَ بِهَدْيِه j. إِنَّهُ ولي ذلك والقادر عليه. آمين.