خطبة
خطبة الجمعة ١٩\٣\٢٠٢١ – آداب المسجد
18.03.2021يَا إِخْوَتِي الْكِرَامَ،
مَسَاجِدُنَا هِي مَعَابِدُنَا الَّتِي تَجْمَعُنَا فِي دَاخِلِهَا وَتَمُدُّنَا بِالسَّكِينَةِ وَالْأَمْن. وَهِيَ عَلَامَةُ وُجُودِ الْإِسْلَامِ فِي مِنْطَقَةٍ وَهِيَ أَسَاسُ وَحْدَتِنَا وَتَضَامُنِنَا. وَكَذَلِكَ هِي «أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللّهِ»[1] بِحَدِيثِ رَسُولِ اللّهِ ﷺ. لِأَنَّ مَسَاجِدَنَا هِيَ أَمَاكِنُ مُقَدَّسَةٌ تَعْرِضُ عَلَى الْإِنْسَانِيَّةِ رَسَائِلَ الْهُدَى، وَتَقِفُ أَمَامَ الْكُفْرِ وَالْجَهَالَةِ، وَتَهْدِفُ إِلَى تَشْكِيلِ جَمَاعَةٍ أهْلِ عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ، وَتَدْعُو الْمُسْلِمِينَ لِيَتَوَحَّدُوا كَجَسَدٍ وَاحِدٍ.
يَا إِخْوَتِي الْأَعِزَّاءَ،
الْإِسْلَامُ دِينُ نِظَامٍ وَتَرْتِيبٍ. مَسَاجِدُنَا هِي أَمَاكِنُ مُبَارَكَةٌ تُقَامُ فِيهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ يَوْمِيًّا. وَهُنَاكَ أَحْكَامٌ يَجِبُ عَلَى الْآتِينَ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الِالْتِزَامُ بِهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْأَحْكَامُ بِآدَابِ الْمَسْجِدِ. فَإِذَا تَمَّ رِعَايَةُ هَذِهِ الْآدَابِ ازْدَادَ مَعَهَا الْأَجْرُ وَالْمُكَافَأَةُ.
الْمُسْلِمُ لَمَّا يَذْهَبُ لِلْجَامِعِ، يُرَاجِعُ أَوَّلًا طَهَارَةَ بَدَنِهِ وَيَتَوَضَّأُ بِنَاءً عَلَى الْآيَةِ الَّتِي قَالَ اللّهُ تَعَالَى فِيهَا: ﴿يَا بَنِٓي اٰدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا اِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾[2] وَيَخْتَارُ مِنْ مَلَابِسِهِ النَّظِيفَةِ وَالَّتِي تَقُومُ بِشَرْطِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ لِأَنَّهُ سَيَخْرُجُ إِلَى مَحْضَرِ النَّاسِ. وَلَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ بِجَوَارِبَ مُلَوَّثَةٍ وَلَا بِقَدَمَيْهِ مُبَلَّلَتَيْنِ.
وَلَا يَحْضُرُ الْمَسْجِدَ وَبِهِ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ لِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً، فَلْيَعْتَزِلْنَا مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فٖي بَيْتِهِ»[3] وَيَتَطَيَّبُ بِعُطُورٍ حَسَنَةٍ وَلَا يُزْعِجُ إِخْوَانَهُ.
يَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ،
يَنْبَغِي الدُّخُولُ إِلَى الْمَسْجِدِ بِالْقَدَمِ الْيُمْنَى وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَأَنْ يَدْعُوَ بـ“اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ” وَأَنْ يَدْعُوَ فِي الْخُرُوجِ بـ“اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا أَبْوَابَ فَضْلِكَ”. وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّىَ الْمُسْلِمُ فِي الدُّخُولِ لِلْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةً لِلْمَسْجِدِ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْوَقْتِ كَرَاهَةٌ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْمَسَاجِدِ بِصَوْتٍ عَالٍ وَلَا يُزْعِجُ الْمُسْلِمِينَ لَا بِحَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَلَا بِأَقْوَالِهِ وَلَا بِقِرَاءَتِهِ بِارْتِفَاعِ الصَّوْتِ فِي الصَّلَاةِ. وَلَا بُدَّ مِنْ إِغْلَاقِ الْهَوَاتِفِ أَوْ عَلَى الْأَقَلِّ أَنْ يَجْعَلَ وَضْعَ الصَّوْتِ فِي حَالِ الْكَتْمِ. وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ تَرْتِيبِ الصُّفُوفِ وَالْبَدْءُ بِهَا مِنْ أَوَّلِ خَطٍّ وَيَجِبُ عَدَمُ الْقِيَامِ فِي الصُّفُوفِ الْمُتَأَخِّرَةِ مَعَ وُجُودِ فَرَاغٍ فِي الصُّفُوفِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَلَا يَنْبَغِي الْمُرُورُ مِنْ بَيْنِ يَدَيِ الْمُصَلِّينَ، وَيَجِبُ التَّذَكُّرُ أَنَّ الْمَرْءَ فِي حَالِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالِاشْتِغَالُ بِالتَّفَكُّرِ وَالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّنَفُّسِ مِنْ هَوَاءِ الْمَسَاجِدِ الْمَعْنَوِيِّ. الْمَسَاجِدُ هِي مَحَطَّاتٌ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ. جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْ أَهْلِهَا. آمين
[1] صحيح مسلم، 2/132، الحديث: 1560
[2] سورة الأعراف: 31
[3] صحيح البخاري، 3/262، الحديث 808