خطبة
تذكير بالإبادة الجماعية في سريبرينيتشا
07.07.2023أَلَا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمَونَ الْأَعِزَّاءُ…
قَالَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: “وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ”.
وَبِهَذِهِ الْآيَةِ يُخْبِرُنَا رَبُّنَا أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْاِخْتِلَافَاتِ، كَمَا أَنَّ لِلنَّاسِ لُغَاتٍ مُخْتَلِفَةً وَأَلْوَانَ بَشَرَةٍ مُخْتَلِفَةً، دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ.
أَيُّهَا اَلْمُسْلِمُونَ اَلْأَعِزَّاءُ . . .
عَبْرَ التَّارِيخِ ، عَاوَضَتِ الْبَشَرِيَّةُ جَمْعَاءُ الْعَوَاقِبَ الْمَرِيرَةَ لِلْحُرُوبِ الَّتِي صُنِعَتْ مِنْ أَجْلِ الْعُنْصُرِيَّةِ . آلَافُ الرُّوهِينْجَا فِي مِيَانْمَار الَّذِينَ تَعَرَّضُوا لِلْعُنْصُرِيَّةِ لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ ذُبِحُوا وَطُرِدُوا مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَأُجْبِرُوا عَلَى طَلَبِ اَللُّجُوءِ فِي بُلْدَانٍ أُخْرَى . حَتَّى وَقْتٍ قَرِيبٍ ، كَانَ ” اَلْبَيْضُ ” فِي جَنُوبِ إِفْرِيقِيَا يَتَفَوَّقُونَ عَلَى ” اَلسُّودِ ” وَيُنَفِّذُونَ سِيَاسَةً عُنْصُرِيَّةً تُسَمَّى ” اَلْفَصْلَ الْعُنْصُرِيَّ ” . اَلْفَظَائِعُ الَّتِي لَا تُصَدَّقُ فِي تُرْكِسْتَانِ الشَّرْقِيَّةِ هِيَ بِالطَّبْعِ أَمْثِلَةٌ حَزِينَةٌ عَلَى الْعُنْصُرِيَّةِ . وَنَتِيجَةً لِذَلِكَ تُرِكَ الْأَطْفَالُ الْأَيْتَامُ وَالْمَسَاكِينُ وَالْأَشْخَاصُ الَّذِينَ لَا حَوْلَ لَهُمْ وَلَا قُوَّةَ وَانْفَصَلُوا عَنْ مَنَازِلِهِمْ وَعَائِلَاتِهِمْ . مِنْ أَجْلِ مَنْعِ حُدُوثِ مِثْلِ هَذِهِ الْكَوَارِثِ مَرَّةً أُخْرَى ، يَجِبَ عَلَى الْأَشْخَاصِ وَالْمُؤَسَّسَاتِ اَلَّتِي تَتَّسِمُ بِالرَّحْمَةِ وَالضَّمِيرِ ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الْعِرْقِ أَوِ الدِّينِ أَوِ اللُّغَةِ ، أَنْ يَعْمَلُوا بِشَكْلٍ مُشْتَرَكٍ . فِي الْوَاقِعِ فَإِنَّ الصَّمْتَ وَالْوُقُوفَ مُتَفَرِّجِينَ عَلَى هَذِهِ اَلْمَذَابِحِ ضِدَّ اَلْبَشَرِيَّةِ جَمْعَاءَ يَعْنِي الْمُوَافَقَةَ عَلَى هَذِهِ الْكَوَارِثِ .
﴿ وَمِنْ اٰيَاتِهٖ خَلْقُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَاخْتِلَافُ اَلْسِنَتِكُمْ وَاَلْوَانِكُمْؕ اِنَّ فٖي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِلْعَالِمٖينَ ﴾
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
« إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا ظَالِمًا فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ »
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ…
قَبْلَ 28 عَامًا، فِي 11 يُولِيُو 1995، وَقَعَتْ إِبَادَةٌ جَمَاعِيَّةٌ فِي مَدِينَةِ سَرَيْبِرِينِيتْشَا فِي الْبُوسْنَةِ وَالْهَرْسَكِ.
خِلَالَ 5 أَيَّامٍ، قُتِلَ أَكْثَرُ مِنْ 8 آلَافِ مُسْلِمٍ بِوَحْشِيَّةٍ، مِنَ الْأَطْفَالِ إِلَى كِبَارِ السِّنِّ.
هَذِهِ الْمَذْبَحَةُ، الَّتِي سُجِّلَتْ فِي التَّارِيخِ بِاسْمِ الْإِبَادَةِ الْجَمَاعِيَّةِ فِي سَرَيْبِرِينِيتْشَا، هِيَ وَاحِدَةٌ مِنْ أَحْلَكِ الصَّفَحَاتِ وَأَكْثَرِهَا إِيلاَمًا فِي تَارِيخِ الْبَشَرِيَّةِ.
لَا تَزَالُ الْعَوَاقِبُ مُحْزِنَةً لِلْمَذْبَحَةِ الْوَحْشِيَّةِ الَّتِي تَسَبَّبَتْ فِي فُقْدَانِ آلاَفِ الْأَشْخَاصِ لِآبَائِهِمْ وَ أَطْفَالِهِمْ وَ أَقَارِبِهِمْ.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْأَعِزَّاءُ…
يُحَرِّمُ الدِّينُ الإِسْلَامِيُّ كُلَّ أَشْكَالِ الْعُنْصُرِيَّةِ وَالْقَبَلِيَّةِ.
بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا جَرِيمَةً ضِدَّ الْإِنْسَانِيَّةِ، فَإِنَّ الْعُنْصُرِيَّةَ أَوْ الْقَبَلِيَّةَ هِيَ أَيْضًا عَدَمُ اِحْتِرَامٍ لِلَّهِ.
النَّاسُ مُتَسَاوُونَ لِكُونِهِمْ أَبْنَاءَ آدَمَ وَلَيْسَ لَهُمُ الْحَقُّ فِي ادِّعَاءِ تَفَاضُلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِسَبَبِ أَسْلَافِهِمْ.
إِنَّ التَّفَاضُلَ لَيْسَ فِي الْعِرْقِ أَوْ لَوْنِ الْبَشَرَةِ أَوْ اللُّغَةِ أَوْ الْجُغْرَافِيَا، بَلْ بِمَعْنَى الْمَسْؤُولِيَّةِ تُجَاهَ اللَّهِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَفِي الْفَضَائِلِ الْأَخْلَاقِيَّةِ الْعَالَمِيَّةِ الَّتِي تَجْعَلُ مِنَ الْإِنْسَانِ إِنْسَانًا حَقِيقِيًّا.
وَهَذَا مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ الشَّهِيرَةِ: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ إِلَّا بِالتَّقْوَى.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْأَعِزَّاءُ . . .
يَجِبُ أَلَّا نَتَوَقَّفَ أَبَدًا عَنْ تَذَكُّرِ وَإِحْيَاءِ ذِكْرَى ضَحَايَا جَرَائِمِ الْعُنْصُرِيَّةِ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ ، حَتَّى لَا نَكُونَ طَرَفًا فِي هَذِهِ الْجَرِيمَةِ وَلِضَمَانِ أَنْ تَكُونَ أَجْيَالُنَا الْقَادِمَةُ حَسَّاسَةً لِآفَةِ الْعُنْصُرِيَّةِ . نَبِيُّنَا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، اَلَّذِي يُعَارِضُ كُلَّ أَنْوَاعِ الْعُنْصُرِيَّةِ يَقُولُ : ” إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا ظَالِمًا فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ ” وَبِحَسَبِ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ صَمْتَ الْمُسْلِمِ فِي وَجْهِ الظُّلْمِ وَسُكُوتَهُ وَعَدَمَ اِعْتِرَاضِهِ عَلَى الظُّلْمِ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا غَضَبَ رَبِّنَا . لِهَذَا السَّبَبِ ، بَيْنَمَا نُحْيِي ذِكْرَى أُولَئِكَ الَّذِينَ فَقَدُوا حَيَاتَهُمْ فِي سِرِيبِرِينِيتْشَا ، نَقُولُ أَيْضًا ” لَا ” لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعُنْصُرِيَّةِ وَنُعَارِضُ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى الْعُنْصُرِيَّةِ . وَبِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ ، نَسْأَلُ اَللَّهَ الرَّحْمَةَ عَلَى إِخْوَانِنَا الَّذِينَ فَقَدُوا أَرْوَاحَهُمْ فِي الْإِبَادَةِ الْجَمَاعِيَّةِ فِي سِرِيبِرِينِيتْشَا وَالْهَجَمَاتِ الْعُنْصُرِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ ، وَالصَّبْرَ والْجَلَدَ لِلْبَاقِينَ .