خطبة
بُشْرَى سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ
21.12.2023بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ
) اِنَّ مَثَلَ عٖيسٰى عِنْدَ اللّٰهِ كَمَثَلِ اٰدَمَؕ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴿٥٩﴾ ﴾
حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
« مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ [لاَ شَرِيكَ لَهُ] وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ»
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ الْعَدَمِ أَرْسَلَ إلَى عِبَادِهِ أَنْبِيَاءَهُ، وَرُسُلَهُ؛ لِإِرْشَادِ النَّاسِ إلَى عِبَادَتِهِ، وَصَدّهِمْ عَنْ الشَّرِّ، وَتَحْقِيقِ الْعَدَالَةِ. وَعَلَى الرُّسُلِ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ عَنْ اللَّهِ إلَى النَّاسِ، وَتَوْجِيهُهُمْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. إنَّ الرُّسُلَ وَالْأَنْبِيَاءَ الّذِينَ أَرْسَلَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ مَع تَبْلِيغِهِمْ الرِّسَالَةَ، نَشَرُوا لِلنَّاسِ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إلَيْهِمْ عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ. وَمِنْ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الرُّسُلِ أَنْبِيَاءٌ قَامُوا بِوَاجِبَاتِهِمْ النَّبَوِيَّةِ بِكُلِّ عَزِيمَةٍ وَإصْرَارٍ؛ رَغْمَ الصُّعُوبَاتِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي وَاجَهَتْهُمْ، وَمِنْهُمْ عِيسَى بْنُ مَرْيَمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ مُعْجِزَةِ خَلْقِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ دُونِ أَبٍ فِي الْقُرْآنِ (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)
حَذَّرَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الْقَوْمَ الّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِمْ مِنْ الْإِشْرَاكِ، وَبَشَّرَهُمْ بِالْوَحْيِ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْه. وَهِي الدَّعْوَةُ إلَى الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ. وَدَعَا النَّاسَ إلَى تَوْحِيدِ اللهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرَهُ، ولَا شَرِيكَ لَهُ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَبَنَى هَذِهِ الدَّعْوَةَ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالتَّسَامُحِ. وَقَدْ عَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عِيسَى هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْإِيمَانَ بِلَا شَكٍّ هُوَ مِفْتَاحٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ بِقَوْلِهِ:
« مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ [لاَ شَرِيكَ لَهُ] وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ»
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
وَقَدْ أَوْصَى النَّبِيُّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّاسَ بِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَوَعَدَ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنْ التّوْحِيدِ، وأشْرَكُوا بِاَللَّهِ تَعَالَى أنَّهُمْ لَنْ يَكُونُوا فِي رَحْمَتِهِ. وَمِنْ أَهَمّ أُسُسِ الْعَقِيدَةِ التَّوْحِيدُ بِاللَّهِ، وَأَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَهَذِهِ هِيَ الرِّسَالَةُ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وفِي دِينِنَا الَّذِي يُصَدِّقُ ويُكْمِلُ شَرْعَ مَا قِبَلَنَا. وَفِي يَوْمِنَا هَذَا لَلْأَسَفِ يَتِمُّ إهْمَالُ العَدِيدِ مِنَ هَذِهِ الْقِيَمِ الَّتِي بَشَّرَ بِهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. كَمَا يُرى أَنَّ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْعِبَادَاتِ تَخَلُّفًا وَتَكَاسُلًا وتَغَيُّرًا؛ فَإِنَّ العُنْفَ وَسُوءَ التَّفَاهُمِ يَسُدُّ سَدًّا بَيْنَ النَّاسِ، وَيُؤَدِّي إلَى اِغْتِرَابِ النَّاسِ عَنْ بَعْضِهِم الْبَعْضِ فِي الْمُجْتَمَعِ. إنَّ الْأَحْكَامَ المُسْبَقَةَ تُجَاهَ الْمُسْلِمِين ومُنَاهَضَةَ الْإِسْلَامِ لَا يَتَسَاوَى مَعَ بُشْرَى سَيِّدِنَا عِيسَى وَتَعَالِيمِ دِينِنَا الْإِسْلَامِ.
أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،
وَاجِبُنَا هُوَ إيصَالُ هَذِهِ البُشْرَى إلَى النَّاسِ عَنْ طَرِيقِ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى مَا أَمَرَنَا اللَّهُ بِهِ. دِينُنَا؛ يُعَلِّمُنَا عَدَمَ الشِّرْكِ بِاَللَّهِ، وَإِنَّ الْخَالِقَ والرَّزَّاقَ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ، وَيُعَلِّمُنَا الْحُّبَّ، وَالتَّسَامُحَ، وَالْأَخْلَاقَ الْحَسَنَةَ. وَعَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ قُدْوَةً لِلْمُجْتَمَعِ مِنْ خِلَالِ وَضْعِ هَذِهِ التَّعَالِيمِ الْحَسَنَةِ مَوْضِعَ التَّنْفِيذِ فِي حَيَاتِنَا، وَنَقْلُ هَذِهِ الْقِيَمِ الَّتِي هِيَ أَسَاسُ إيمَانِنَا بِالله. وَلَا نَنْسَى أَنَّ عَدَمَ التَّفَاهُمِ وَالِاخْتِلَافِ بَيْنَ النَّاسِ لَنْ يَزُولَ إلَّا عِنْدَمَا يَتَعَرَّفُ النَّاسُ عَلَى بَعْضِهِمْ الْبَعْض. لَنَسْعَ جَاهِدِينَ لِشَرْحِ رِسَالَةِ الرَّحْمَةِ وَالْمَحَبَّةِ فِي الْإِسْلَامِ. وَلْنَتَعَامَلْ مَع جِيرَانِنَا، وَزُمَلَائِنَا، وَكُلِّ مَنْ حَوْلَنَا بِالْحُبِّ وَالتَّسَامُحِ. اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وأرِنَا الْبَاطِلَ باطلاً وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ. آمِين