خطبة

المولد النبوي

12.09.2024
Takka Tasbih Holz

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ 

﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّبِيُّ اِنَّٓا اَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذٖيراًۙ ﴿٤٥﴾ وَدَاعِياً اِلَى اللّٰهِ بِاِذْنِهٖ وَسِرَاجاً مُنٖيراً ﴿٤٦﴾

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺَ أَنَّهُ قَالَ:

« مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ»

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

سَنَكُونُ مَعًا غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ لِنُحْيِيَ ذِكْرَى لَيْلَةِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِي بُعِثَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَبِمُنَاسَبَةِ هَذِهِ الذِّكْرَى الطَّيِّبَةِ أَبْدَاُ خُطْبَةَ الْيَوْم بِتَهَنِّئَتِكُمْ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ الْمُبَارَكِ، وَبِذِكرَى الْمَوْلِدِ النَّبَوِيّ، وَأدْعُوا اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا الْخَيْرَ جَمِيعًا.

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مَصْدَرُ السَّعَادَة لِكُلِّ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: ﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّبِيُّ اِنَّٓا اَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذٖيراًۙ ﴿٤٥﴾ وَدَاعِياً اِلَى اللّٰهِ بِاِذْنِهٖ وَسِرَاجاً مُنٖيراً ﴿٤٦﴾ ﴾ فَنَجِدُ كُلَّ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ فِي نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كَالصَّبْرِ، وَتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ، وَالْمُثَابَرَة، وَالشَّجَاعَة. فَهُو قُدْوَةً لَنَا فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وكُلُّ مَا جَاءَ بِهِ أَخْرَجَ الْبَشَرِيَّةَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ.

أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،

لَقَدْ بَدَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طِوَالَ فَتْرَةِ نُبُوَّتِهِ الَّتِي اسْتَمَرَّتْ ثَلَاثَةَ وَعِشْرِينَ عَامًا، عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ بِالتَّوْحِيد بِاَللَّه، وَبَدَّلَ الظُّلْمَ بِالْعَدْلِ، وَالْعَدَاوَةَ بِالْأُخُوَّةِ، وَالْجَهْلَ بِالْعِلْمِ. فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُدْوَةً حَسَنَةً لِلْإِنْسَانِيَّةِ جَمِيعًا بِخُلُقِهِ الْحَسَن. لَقَدْ حَارَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ فَسَادِ الْمُجْتَمَعِ الَّذِي كَانَ يَفْسُدُ الْإِنْسَانِيَّة. وَنَجِدُ نَتِيجَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثَ التَّجْدِيدَاتِ الْأَسَاسِيَّةَ اللَّازِمَةَ، وَأَحْدَثَ أَيْضًا تَجْدِيدَاتٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الأُسْرَةِ حَتَّى الْمَجَالَاتِ الِاقْتِصَادِيَّةِ، وَالِاجْتِمَاعِيَّة، وَالثَّقَافِيَّةِ، وَالْأَخْلَاقِيَّة. وَبِهَذَا قَدْ أَنْهَى الْجَاهِلِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ هَذِهِ الْفَتْرَة مَلِيئَةً بِالْجَهْلِ، وَعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَالْقَسْوَةِ، وَالظُّلْمِ، وَكُلِّ مَا هُوَ بَعِيدٌ عَنْ السَّلَامِ. وَبَدَلًا مِنْ الْجَهْلِ بَنَى مُجْتَمَعًا جَدِيدًا، تَسُودُ فِيهِ الْمَعْرِفَةُ، وَالْعَدَالَةُ، وَالْحِكْمَةُ، وَالْإُخُوَّةُ، وَالْأَخْلَاقُ الْحَمِيدَةُ. 

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

إنَّ أُولَئِكَ الْمُحْتَقِرِينَ، وَالَّذِينَ تَشَوَّهَ شَرَفُهُمْ وَكَرَامَتُهُمْ، وَاَلَّذِين تُرِكُوا بِمُفْرَدِهِمْ، وَالَّذِينَ فَقَدُوا إِنْسَانِيَّتَهُمْ، وَاسْوَدَّتْ قُلُوبُهُمْ، كُلُّ أُولَئِكَ فِي أَمَسِّ الْحَاجَةِ إلَى مَبَادِئِ وَأُسُسِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَصْغِيَ وَنَفْهَمَ جَيِّدًا هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي هَذَا السِّيَاقِ. يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ دَعَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَشَرِيَّةَ إِلَى الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنْ يَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ. لَقَدْ جَلَبَتْ دَعْوَتُهُ لِلْمَوْتِ حَيَاةً، وَلِلْظُلْمِ عَدْلًا وَلِلْجَهْلِ مَعْرِفَةً، وَلِلْقَسْوَةِ رَحْمَةً، وَلِلْخُصُومَةِ صُلْحًا. وَبِهَذَا أَدْرَكَتِ الْبَشَرِيَّةُ مَرَّةً أُخْرَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِلْخَلْقِ وَالْغَرَضَ مِنْهُ وَحِكْمَتَهُ.

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،

نَحْنُ كَأُمِّةٍ مُسْلِمَةٍ يَجِبُ ألَّا نَنْسَى أَبَدًا أنَّ طَاعَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَسَبَبٌ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ. كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَرَأْنَاهُ فِي بِدَايَةِ الْخُطْبَةِ يَقُولُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ» وَكَمَا جَاءَ فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ

إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،

يَجِبُ أَنْ نَتَّخِذَ النَّبِيَّ قُدْوَةً لَنَا فِي كُلِّ مَا نَقُومُ بِهِ فِي حَيَاتِنَا. وَلَا يَكْفِي فَقَطْ ذِكْرُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ نُطَبِّقَ كُلَّ مَا عَلَّمَنَا إيَّاهُ فِي كُلِّ شَطْرٍ مِنْ حَيَاتِنَا. لَقَدْ بَلَّغَنَا بِالْوَحْي وَوَضَّحَهُ لَنَا، وَعَاش بِالْوَحْيِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ، وَطَبَّقَهُ فِي حَيَاتِهِ. إنَّ طَرِيقَةَ التَّخَلُّصِ مِمَّا نَحْنُ بِهِ الْانَ مِنْ الأَزَمَاتِ الْمَادِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ سَتَكُونُ مِنْ خِلَالِ فَهْمِنَا وَتَطْبِيقِنَا لِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلِأَجْلِ إحْيَاءِ الْجِيلِ الْجَدِيدِ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَفْهَمَ مَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا وَنَعِيشَ بِه.

 وَلْنَخْتِمْ خُطْبَتَنَا بِكَلَامِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى بِي، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْوَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَعَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَجْمَعِين.

خُطْبَة

PHP Code Snippets Powered By : XYZScripts.com