خطبة
القرآن الكريم أعظم هداية
17.10.2024بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ
﴿ اِنَّ هٰذَا الْقُرْاٰنَ يَهْدٖي لِلَّتٖي هِيَ اَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنٖينَ الَّذٖينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ اَنَّ لَهُمْ اَجْراً كَبٖيراًۙ ﴾
سورة الإسراء ١٧:٩
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : …فَقَال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :
« تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، فَاقْرَءُوهُ وَأَقْرِئُوهُ فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ لِمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَرَأَهُ وَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ بِرِيحِهِ كُلُّ مَكَانٍ، وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَيَرْقُدُ وَهُوَ فِى جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ وُكِئَ عَلَى مِسْكٍ »
الترمذي، فضائل القرآن، ٢
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، الَّذِي خَلَقَ هَذَا الْكَوْنَ دَارًا لِلِامْتِحَان، لَمْ يَتْرُكْنَا وَحْدَنَا فِي هَذَا الإِمْتِحَانِ، بَلْ أَرْسَلَ لَنَا رُسُلًا وَأَنْبِيَاءً لِكَيْ يُعَلِّمُونَا الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ، وَالْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَالصَّوَابَ وَالْخَطَأَ. الْقُرْانُ، هُوَ الْكِتَابُ الْأَخِيرُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا، وَهُوَ الْكِتَابُ الْوَحِيدُ الَّذِي بَقِيَ دُونَ تَحْرِيفٍ كَمَا جَاءَ مِنْ اللَّهِ. وَعَلَى مَرِّ التَّارِيخِ، كُلَّمَا اتَّبَعَ الْإِنْسَانُ الطَّرِيقَ الَّذِي يُرْشِدُنَا إِلَيْهِ الْقُرْانُ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ عَلَى الشُّعُورِ بِالسَّلَامِ وَالسَّعَادَةِ، وَهَذَا يَكُونُ لِلْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ. وَكُلَّمَا انْحَرَفَ الْإِنْسَانُ عَنِ الْحُدُودِ الَّتِي وَضَعَهَا الْقُرْانُ يَقَعُ فِي مُسْتَنْقَعِ الاِضْطِرَابَاتِ، وَعَدَمِ الرِّضَا، وَالتَّشَاؤُمِ. وَكَمَا قَرَأْنَا فِي بِدَايَةِ خُطْبَتِنَا: ﴿اِنَّ هٰذَا الْقُرْاٰنَ يَهْدٖي لِلَّتٖي هِيَ اَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنٖينَ الَّذٖينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ اَنَّ لَهُمْ اَجْراً كَبٖيراً﴾
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
إنَّ الْقُرْانَ الْكَرِيمَ زَوَّدَ عُقُولَنَا بِعِلْمٍ وَفَهْمٍ دَقِيقٍ صَحِيحٍ، وَيُعَلِّمُنَا بَأفَضْلِ شَكْلٍ وَطَرِيقَةٍ عَنْ سَبَبِ وُجُودِ الْكَوْنِ، وَيُعَلِّمُنَا صِفَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقُدْرَتَهُ الْإِلَهِيَّةَ، وَبِهَذَا حَرَّرَ الْقُرْانُ النَّاسَ مِنْ جَهْلِ الْخُرَافَاتِ وَالْمُعْتَقَدَاتِ الْخَاطِئَةِ. إنَّ الْقُرْانَ حَسَّنَ سُلُوكَ وَتَصَرُّفَاتِ النَّاسِ أَيْضًا. وَكَمَا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ عَنْ كَيْفِيَّةِ عِبَادَتِه، بَيَّنَ لَهُمْ أَيْضًا كَيْفِيَّةَ تَنْظِيمِ الْعَلَاقَاتِ بَيْنَ النَّاسِ فِي حُدُودِ الْعَدْلِ. إِنَّ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْانُ مِنْ مُعْتَقَدَاتٍ وَنِظَامٍ، لَيْسَ خَاصًّا بِزَمَنٍ وَمَنْطِقَةٍ وَقَوْمٍ مُعَيَّنٍ؛ بَلْ هُوَ يَشْمَلُ كُلَّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَجَمِيعَ الْأَقْوَامِ وَالشُّعُوبِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،
عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَاجِبَاتٌ تُجَاهَ الْقُرْآنِ. وَوَاجِبُنَا الْأَوَّلُ هُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ الْقُرْانَ الْكَرِيمَ هُوَ كِتَابٌ أَنْزَلَهُ اللَّهُ. وَمِنْ إحْدَى أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ هِيَ الصَّلَاةُ الَّتِي مِنْ وَاجِبَاتِهَا قِرَاءَةُ الْقُرْانِ. وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْرِفَ عَلَى الْأَقَلِّ كَيْفِيَّةَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ حَتَّى يُؤَدِّيَ صَلَاتَهُ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ. وَكَمَا بَيَّنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَهَمِّيَّةِ تَعَلُّمِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْانِ بِقَوْلِهِ «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، فَاقْرَءُوهُ وَأَقْرِئُوهُ فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ لِمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَرَأَهُ وَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ بِرِيحِهِ كُلُّ مَكَانٍ، وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَيَرْقُدُ وَهُوَ فِى جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ وُكِئَ عَلَى مِسْكٍ»
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
وَمِنْ أَكْثَرِ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي يُهْمِلُهَا الْإِنْسَانُ تُجَاهَ الْقُرْانِ فِي يَوْمِنَا هَذَا هُوَ تَطْبِيقُ أَوَامِرِ الْقُرْانِ وَنَوَاهِيه فِي حَيَاتِنَا اليَوْمِيَّةِ. الْقُرْانُ لَمْ يُرْسَلْ لِمُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ وَالْحِفْظِ فَقَطْ، بَلْ أرْسِلَ لِنُطَبِّقَهُ. إذَا اكْتَفَيْنَا بِقِرَاءَةِ الْقُرْانِ فَقَطْ، وَلَمْ نُطَبِّقْهُ فِي حَيَاتِنَا نَكُونُ مِثْلَ الْمَرِيضِ الَّذِي يَقْرَأُ الوَصْفَةَ الطِّبِّيَّةَ الَّتِي كَتَبَهَا الطَّبِيبُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَسْتَخْدِمُ الْأَدْوِيَةَ الَّتِي كَتَبَهَا عَلَى الوَصْفَةِ. لِنَعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَتَحَسَّنُ أَيُّ مَرِيضٍ لِمُجَرَّدِ قِرَاءَتِهِ فَقَطْ الْوَصْفَةَ الطِّبِّيَّةَ. يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَقْرَأَ القُرْانَ وَنُعَلِّمَهُ الْجِيلَ الْجَدِيدَ. وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَكُونَ الْجَيْلُ الَّذِي لَمْ تَمُرَّ حَيَاتُهُ بِالْقُرْانِ فِي مَكَانَةٍ عَالِيَةٍ فِي الدُّنْيَا، وَفَلَاحٍ فِي الْآخِرَةِ.
نَحْنُ كَمُؤَسَّسَةِ مِلِّئ كُورُوش مُنْذُ تَأْسِيسِ مُؤَسَّسَتِنَا نَسْعَى بِكَامِلِ طَاقَتِنَا عَلَى فَهْمِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْانِ الْكَرِيمِ، وَنَقِلَهِ مِنْ جِيلٍ إلَى جِيلٍ. نَعْمَلُ فِي مُؤَسَّسَتِنَا بِحَبٍّ وَاهْتِمَامٍ، لِنَغْرِسَ حُبَّ الْقُرْانِ الْكَرِيمِ فِي قُلُوبِ الأَجْيالِ الْقَادِمَةِ، وَلِكَيْ نَمْضِيَ خُطْوَةً لِنَقْلِ هَذَا الْمِيرَاثِ الْعَظِيمِ سَتَعْقِدُ مُؤَسَّسَتُنَا الْمُسَابَقَةَ السَّادِسَةَ وَالثَّلَاثِينَ لِتِلَاوَةِ الْقُرْانِ الْكَرِيمِ فِي مُحَافَظَةِ هَاجَن يَوْمَ السَّبْتِ الْمُوَافِقِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ أُكْتُوبَر. وَنَدْعُو جَمِيعَ مُحِبِّي الْقُرْانِ لِمُشَاهَدَةِ هَذَا اللِّقَاءِ الْمُبَارَكِ، وَلِيَشْهَدُوا مَعَنَا هَذِهِ اللَّحَظَاتِ الْجَمِيلَةَ.