خطبة
التَّضَامُنُ أَسَاسُ الأَخُوُّةِ الإِسْلَامِيَّةِ
16.05.2024بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ
﴿ اِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اِخْوَةٌ فَاَصْلِحُوا بَيْنَ اَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللّٰهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَࣖ ﴿١٠﴾ ﴾
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
« مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى »
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
القُرْانُ الكَرِيمُ وَالسُّنَّةُ الَّتِي هِيَ نَهْجُ حَيَاتِنَا يُؤَكِّدُ عَلَى مَبْدَأِ الأُخُوَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ وَأَهَمِّيَّتِهَا. يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ:(اِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اِخْوَةٌ فَاَصْلِحُوا بَيْنَ اَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللّٰهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَࣖ)
تُوضِّحُ لَنَا هَذِهِ الآيَةُ أَنَّ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ هُوَ أَخٌ لِسَائِرِ المُؤْمِنِينَ، وَتُفِيدُ أَنَّ رَابِطَ الإِيمَانِ هُوَ رَابِطٌ يَتَجَاوَزُ كُلَّ الِاخْتِلَافَاتِ العِرْقِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّة. فَلِذَلِك هَذِهِ الأُخُوَّةُ تَرْبُطُنَا بِبَعْضِنَا بِشَكْلٍ مُتَرَابِطٍ. وَلَيْسَ مُجَرَّدَ الرَّبْطِ فَحَسْبُ، بَلْ يُنْشِئُ أَيْضًا حُقُوقًا بَيْنَ الإِخْوَةِ. إنَّ المُسْلِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشُكَّ فِي أَخِيهِ المُسْلِمِ، وَأَنْ يَسُوءَ الظَّنَّ بِهِ، وَألَّا يَغْتَابَهُ، وَأَلَّا يَسْتَصْغِرَهُ، وَيَصِفَهُ بِأَسْمَاءٍ أَوْ صِفَاتٍ كَرِيهَةٍ لَا يُحِبُّهَا. وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ. إنَّ إِيمَانَ المُسْلِمِينَ الَّذِي يَجْعَلُهُمْ إِخْوَةً يَجْعَلُهُمْ أُمَّةً. نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ هَذِهِ الأُخُوَّةَ بِشَكْلٍ وَجِيزٍ بِقَوْلِهِ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
هَذَا الحَدِيثُ يُذَكِّرُنَا بِمَسْؤُولِيَّاتِ المُؤْمِنِ تُجَاهَ أَخِيهِ المُؤْمِنِ. اِبْتِعَادُ المُسْلِمِ عَنْ ظُلْمِ أَخِيهِ المُسْلِمِ، وَحِمَايَةُ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى المُسَاعَدَةِ، وَدَعْمُهُمْ هَذَا مِنْ مُتَطَلَّبَاتِ الْأُخُوَّةِ الدِّينِيَّةِ. إِنَّ مِنْ وَاجِبِنَا الوُقُوفَ مَعَ إخْوَانِنَا المُسْلِمِينَ المَظْلُومِين فِي غَزَّةَ، وَفِلَسْطِين، وَتُرْكِسُتان الشَّرْقِيَّةِ، وميانمار (Myanmar) أَوْ فِي أَيِّ بُقْعَةٍ مِنْ الْأَرْضِ بِهَا ظُلْمٌ.
أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،
إنَّ الأُخُوَّةَ الدِّينِيَّةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ كَلَامٍ، بَلْ هِيَ مَسْؤُولِيَّةٌ تَنْطَبِقُ بِالْأَفْعَالِ أَيْضًا. وَمِنْ إحْدَى الطُّرُقِ الَّتِي تُوَصِّلُ إلَى نَيْلِ رِضَا اللَّهِ هِيَ حِمَايَةُ وَدَعْمُ إخْوَانِنَا الْمُؤْمِنِينَ. يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: (“المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بعضُه بَعْضًا.” وشَبَّك بَيْن أصَابِعِه). يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَحْتَرِمَ وَنُرَاعيَ العَلَاقَةَ الَّتِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ إخْوَانِنَا، وَأَنْ نَتَضَامَنَ مَعَهُمْ، وَأَنْ نَبْدَأَ هَذَا بِالذِينَ حَوْلَنَا.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى هَذَا الرَّابِطِ الأَخَوِي، وَنُطَبِّقَهُ فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْ حَيَاتِنَا. وَيَجِبُ أَنْ نَكُونَ قُدْوَةً فِي الأُخُوَّةِ وَالتَّضَامُنِ. وَعِنْدَمَا نَتَحَدَّثُ عَنِ الأخُوَّةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْقِفُنَا وَأَعْمَالُنَا قُدْوَةً. إنَّ دُعَاءَنَا هُوَ أَنَنَا نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا العَيْشَ وَنَحْنُ إخْوَةٌ فِي الدِّينِ حَقِيقَةً. فَلْنُحِبَّ بَعْضَنَا البَعْضِ فِي اللَّهِ، ونُخْفِ عُيُوبَ بَعْضِنَا البَعْضِ، وَنُلَبِّ احْتِيَاجَاتِ بَعْضِنَا البَعْضِ، وَنَتَّخِذْ هَذَا وَاجِبًا وَنَثْبُتْ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُثَبِّتَ أَقْدَامَنَا عَلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ، وَيُقَوِّيَ أُخُوَّتَنَا. اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِفَضْلِك وَبِإِحْسَانِك.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
وَفِي خِتَامِ خُطْبَتِنَا لِهَذَا اليَوْمِ أَدْعُوكُمْ لِيَوْمِ الأُخُوَّةِ وَالتَّضَامُنِ الَّذِي تُنَظِّمُهُ مُنَظَّمَةُ الرُّؤْيَةِ الْوَطَنِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعِ الإِسْلَامِيِّ (IGMG) يَوْمَ الأَحَدِ الْمُوَافِقِ ١٩ (التَّاسِعَ عَشَر) مَايُو فِي مُحَافَظَةِ “هاسلت Hasselt فِي بَلْجِيكَا. نَوَدُّ أَنْ نَكُونَ مَعَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الأَعِزَّاءُ لِنُظْهِرَ أُخُوَّتَنَا، وَلِنُرِيَ وَنُعْلِنَ مَدَى قُوَّةِ تُضَامُنِنَا بِهَذَا اليَوْمِ الَّذِي سَنَجْتَمِعُ فِيهِ مَعَ العَدِيدِ مِنَ الإِخْوَةِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ دُوَلِ العَالَمِ. لَا تَنْسَوْا الاِتِّصَالَ بِالمَسْؤُولِينَ فِي جَمْعِيَّاتِنَا وَتَحْجِزُوا مَكَانَكُمْ فِي الحَافِلَات. نَوَدُّ أَنْ نَرَاكُمْ فِي بَرْنَامَجِنَا. وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
جُمْعَةٌ مُبَارَكَة.