خطبة
التغذي بالحلال الطيب
05.10.2023بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحٖيمِ
﴿وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّٰهُ حَلَالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللّٰهَ الَّـذٖٓي اَنْتُمْ بِهٖ مُؤْمِنُونَ﴾
عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ السَّعْدِىِّ قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ؟ قَالَ حَفِظْتُ مِنْهُ « دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ »
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَام،
نحن كَبَشرٍ نَحتاجُ إلى الطعامِ والشَّرابِ للبَقاءِ على قَيدِ الحياة في هذه الدُّنيا التي أرْسَلَنا الله إليها للاِمتحان. لا يُمْكِنُنا أنْ نَعِيشَ بِدُونِ طعامٍ وشَراب. وإنَّ دينَنا الإسلام لَمْ يَتْرُكْنا بدون توجيه في هذا الصَّدَد. وإنَّ اللهَ لا يَأمُرُنا بشيء دونَ حِكْمَةٍ. وأمَّا ما يَتعلَّقُ بموضوعِ الطعامِ والشَّراب فالحلالُ بَيِّن، والحرام بَيِّن. وعَلَيْنا نحن كَمُسلمِين أنْ نحاوِلَ البَقاءَ في دائرةِ الحلال.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
إن عُلَماءَنا الكِرام الذين أرْشَدُوا المُجْتمعَ الإسلامي قديمًا قالوا: “إنَّ وَرْعَ المَرءِ يكون على قَدْرِ حِلِّ طَعَامِه“. وقد كشَف العِلمُ الحَديثُ اليومَ أنَّ ما نأكلُه ونَشْربُه له تأثيرٌ على شخصيتِنا. تَحَرِّي الحلالِ في المَأْكَل وَالْمَشْرَبِ وسيلةٌ مُهِمَّةٌ لأجلِ الاقتراب إلى الله. لأنَّ مَنْ يَأكُلُ الحرامَ والمَشْبُوهَ لنْ تكونَ لدَيْهِ رَغْبةٌ في العِبادة، وحُبِّ الله. ويَتحوَّلُ القلبُ معنَوِيًّا إلى قلبٍ قاسٍ. وتَبْدَأُ الدَّوافِعُ والرَّغْباتُ الذَّاتِيةُ في تَشْكِيلِ حياتِنا اليَوْميَّة. وبذلك تُنْسَى الأخلاقُ الإسلاميةُ والفَضائِلُ السامِية.
إِخْوَتِيَ الْأَعِزَّاء،
الطعامُ الحلالُ له دَوْرٌ مُهِمٌ جدًّا في تَزْكِيَةِ رُوحِ العَبْدِ وتطوُّرِه. َيجِبُ عَليْنا الاِبتعادُ عن الأَطْعِمَةِ، والمَشْروباتِ المَشْكوكُ فيها قَدْرَ الإمكانِ، خاصَّةً في عَصْرِنا الذي تَشْهَدُ فيه صِناعَةُ المَوَادِ الغَذائِيَّةِ تَطَوُّرًا، وتَنَوُّعًا مُتزايِدًا. قال نبيُّنا صلي الله عليه وسلَّم ناصِحًا أمَّتَه: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ».
بالإضافةِ إلى ذلك يَجِبُ أَنْ نَتَحَرَّى في الطعام والشراب، كونه طَيِّبًا وَنَظِيفًا. والمُرَادُ بِطِيبِ الطّعامِ والشَّرابِ أنْ يَكونَ هذا الطعامُ مُفيِدًا لِصِحَّتِنا ويُؤَدِّي إلى نتائجٍ جيدةٍ في الجسد. جَسَدُنا هذا أمانةٌ أعْطاها اللهُ لنا. الجسدُ السَّليمُ له تأثيرٌ إيجابيٌّ على روحِنا. والروحُ الطيِّبةُ لها تأثيرٌ إيجابيٌّ على جسدِنا. أولئِكَ الذين لا يُنْفِقونَ مِن أوْقاتِهم وأمْوالِهم لأجْلِ صحَّتِهم اليَوْمَ، سَيَضْطَرُّونَ في المُسْتَقْبلِ إلى إنفاقِ الوقتِ والمالِ على مَرَضِهم. ونَعُوذُ باللهِ مِن ذلك. لِذلك َنَأكُلُ الحلالَ الطيَّبَ الذي أمَرَنا اللهُ به. وبناءً على هذا فإنَّ تَناوَلَ الطعامِ الحلالِ والطَّيِّب هو عبادةٌ مهمةٌ يَنْبَغِي لَنا ألَّا نَسْتَخِفَّ بِها.
أيُّها الإخْوَةُ الأفاضِل،
روي عَنِ النبي صلى الله عليه وسلَّم أنه ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ:” يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ”؟.
نحن المسلمون كما جَاءَ في سورةِ الفاتحةِ بالطَّبْعِ لا نَعُبدُ إلا اللهَ ولا نَستَعينُ إلا به، نقول: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.
إذا أرَدْنا أنْ يَسْتَجيبَ اللهُ لِدُعائِنا فَيَجِبُ علينا أنْ نُطِيعَ أوَامِرَه ونَوَاهِيه. لا يَكْفِي لذلك أن يَكوُنَ نِظامُنا الغِذائِي حَلالاً وطيبا فقط، بَلْ يَجِبُ أن تَكوُنَ حياتُنا أيضًا حَلالًا وطيبا. إنّ اتِّباعَ ما أمَرَنا اللهُ به في عَلاقتِنا مع اللهِ والناسِ والعالَمِ يَعْنِي: أنْ نَعِيشَ حياةً حلالاً وطيبا. اَللهُمَّ اجعَلْنا مِن عبادِك الذين يَجْتَنِبُونَ الحرامَ ويَرْضَوْنَ بالحلالِ! آمين. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي ولكم.