خطبة
أَهَمِّيَّةُ الْعِلْم
03.08.2023أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ . . .
فِي الْبُلْدَانِ الَّتِي نَعِيشُ فِيهَا ، نَدْخُلُ وَقْتًا يَقْتَرِبُ فِيهِ انْتِهَاءُ مَوْسِمِ الْعُطْلَاتِ وَيَبْدَأُ اِفْتِتَاحُ الْمَدَارِسِ . فِي عَصْرِنَا نِظَامٌ تَرْبَوِيٌّ حَيْثُ يَكْتَسِبُ النَّاسُ الْمَعْرِفَةَ وَالتَّدْرِيبَ الْمِهَنِيَّ فِي الْمَدَارِسِ . نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ نُخَاطَبُ أَوَّلًا فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِی خَلَقَ (1) خَلَقَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مِنۡ عَلَقٍ (2) ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ (3) ٱلَّذِی عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ (4) عَلَّمَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مَا لَمۡ یَعۡلَمۡ (5) }
لِهَذَا السَّبَبِ وَلِكَيْ يَنْجَحَ أَطْفَالُنَا فِي الْمَدَارِسِ ، مِنَ الضَّرُورِيِّ أَنْ يَقُومَ الْآبَاءُ بِدوْرِهِمْ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ وَأَنْ يُقَدِّمُوا كُلَّ أَنْوَاعِ الدَّعْمِ لِأَبْنَائِهِمْ . كَمَا يَجِبُ عَلَى طُلَّابِنَا فِي الْمَدَارِسِ أَيْضًا تَقدِيمُ أَفْضَلِ مَا لَدَيْهِمْ وَالسَّعْيُ لِتَحْقِيقِ النَّجَاحِ فِي فُصُولِهِمْ . يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا شَاكِرِينَ لِنِعْمَةِ التَّعْلِيمِ الَّتِي حَصَلُوا عَلَيْهَا وَأَنْ يَسْتَفِيدُوا مِنَ الْفُرَصِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ . يَجِبُ أَنْ يُثَقِّفُوا أَنْفُسَهُمْ جَيِّدًا وَأَنْ يَكُونُوا شَخْصِيَّاتٍ مِثَالِيَّةً فِي الْبُلْدَانِ الَّتِي يَتَوَاجَدُونَ فِيهَا .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ . . .
بِطَبِيعَةِ الْحَالِ فَإِنَّ الْأَهَمِّيَّةَ الَّتِي يُولِيهَا الْإِسْلَامُ لِلْعِلْمِ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْمَعْرِفَةِ الَّتِي يَتِمُّ اكْتِسَابُهَا فِي نِظَامِ التَّعْلِيمِ الرَّسْمِيِّ . فَالْعِلْمُ فِي التَّعْبِيرِ الْإِسْلَامِيِّ مِنَ الْمَهْدِ إِلَى اللَّحْدِ . يَجِبُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ طَلَبُ الْعِلْمِ فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ مِنْ مَرَاحِلِ حَيَاتِهِمْ . يَضِيعُ مَنْ تَسَاوَى يَوْمَاهُ فِي الْعِلْمِ . إِنَّ التَّقَدُّمَ فِي دَرَجَاتِ وَمَقَامَاتِ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْعَالَمَ مِنَ الْعَدَمِ مُمْكِنٌ بِالتَّعَمُّقِ فِي الْمَعْرِفَةِ . يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . { إِنَّمَا یَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰۤؤُا۟ۗ }. لِأَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ وَمَعْرِفَةٌ سَيُقَدِّرُ قُدْرَةَ اللَّهِ وَعَظَمَتَهُ . وَالْجَاهِلُ يَنْسِبُ الْقُوَّةَ وَالْجَبَرُوتَ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ ، وَسَيَكُونُ هَذَا أَكْبَرَ مُؤَشِّرٍ عَلَى فُقْدَانِ الْوَعْيِ وَالْجَهْلِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْأَعِزَّاءُ…
طَلَبُ الْمَعْرِفَةِ مَسْؤُولِيَّةٌ مُهِمَّةٌ أَوْجَبَهَا رَبُّنَا عَلَيْنَا، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۗ وَلَا تَعۡجَلۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مِن قَبۡلِ أَن یُقۡضَىٰۤ إِلَیۡكَ وَحۡیُهُۥۖ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِی عِلۡمࣰا }
مَا أَسْعَدَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَدَيْهِمُ الْعَزْمُ عَلَى السَّيْرِ عَلَى دَرْبِ الْعِلْمِ فِي عَصْرٍ بَلَغَ فِيهِ الْبَحْثُ عَنِ الْمَعْرِفَةِ ذُرْوَتَهُ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَهْدِفُونَ إِلَى زِيَادَةِ عِلْمِهِمْ وَيُحَاوِلُونَ أَنْ يَكُونَ لَدَيْهِمْ أُفُقٌ وَاسِعٌ فِي نَظْرَتِهِمْ لِلْحَيَاةِ سَوْفَ يَنَالُونَ الْكَرَامَةَ وَالشَّرَفَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْأَعِزَّاءُ . . .
مَا يُمَيِّزُ الْأَشْخَاصَ الْوَاعِينَ عَنْ غَيْرِ الْوَاعِينَ هُوَ أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهِمْ تَخْدِمُ غَرَضًا . لَا يَنْبَغِي أًنْ يَخْدِمَ تَطَلُّعُنَا إِلَى الْمَعْرِفَةِ غَرَضَ أَنْ نَكُونَ مُتَحَذْلِقِينَ لِمَنْ حَوْلَنَا . يَجِبُ أَنْ يَخْدِمَ الْهَدَفُ فِي الْعِلْمِ أَسَاسًا مَعْرِفَةَ اللَّهِ وَخِدْمَتَهَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ وَنيْلَ رِضَاهُ . وَإِلَّا فَلَيْسَ مِنَ الْحِكْمَةِ تَعَلُّمُ مَعْلُومَاتٍ غَيْرِ ضَرُورِيَّةٍ وَلَا مَعْنَى لَهَا . دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ لَهُ مَغْزًى كَبِيرٌ .
(اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلاَءِ الأَرْبَعِ)
إِخْوَانِي . . . دَعُونَا نَقْضِي الْحَيَاةَ الَّتِي وَهَبَنَا اللَّهُ تَعَالَى ، لَيْسَ مِنْ خِلَالِ مُتَابَعَةِ الْمَعْلُومَاتِ غَيْرِ الْمَجْدِيَّةِ ، وَلَكِنْ بِاكْتِسَابِ الْمَعْرِفَةِ الَّتِي مِنْ شأْنِهَا أَنْ تُسَاهِمَ فِي دُنْيَانَا وآخِرَتِنَا . أَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَرْزُقَ صَفَاءَ الذِّهْنِ لِأَطْفَالِنَا الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى الْمَدْرَسَةِ فِي شَتَّى الْمَنَاطِقِ الْجُغْرَافِيَّةِ الَّتِي نَعِيشُ فِيهَا ، وأَنْ يَهَبَهُمُ الْمَعْرِفَةَ الْمُفِيدَةَ، وَأَنْ يَكُونُوا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ الْعَامِلِينَ بِعِلْمِهِمْ .